للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أحضان رموزه، وبقي مؤثرًا فيهم (١)، ومما يؤكد ذلك:

٣ - أن هؤلاء الأساتذة الغربيين تعج كتاباتهم بالمعاني والمصطلحات والألفاظ ذات الدلالات والجذور اليونانية أو النصرانية أو اليهودية، وقد أخذ ذلك عنهم تلامذتهم من حداثيي العرب وحاكوهم وقلدوهم.

٤ - إن الحداثة الغربية حلقة في التسلسل الانحرافي الذي اعتنقه الغرب بدءًا من فلسفات الإغريق وانتهاءً بالنصرانية واليهودية المحرفتين، وقد ذكرنا في الفصل الأول شيئًا من هذا التسلسل الفكري والاجتماعي والثقافي والاعتقادي الذي أوصل الغرب إلى ما وصلوا إليه اليوم من انحرافات هائلة واسعة كبيرة، ليس آخرها الحداثة بمدارسها الإلحادية والشكية واللاأدرية، ولا الوجودية ولا السلوكيات البهيمية التي انحط إليها الإنسان الغربي إلّا من شاء اللَّه وقليل ما هم.

٥ - إن طبيعة الفلسفات والأفكار اليونانية القائمة على أوثان مؤلهة وأرباب معبودة من دون اللَّه وما توالد من هذه الطبيعة من فلسفات أخرى تدور على محور الإلحادية، كل هذه قادت -وطبيعي أن تقود- إلى الحداثة بمدارسها الفكرية والأدبية المختلفة.

٦ - إن طبيعة الدين النصراني بعد أن حرفه أهله، وكذبوا فيه، ومن خلاله، على اللَّه -جلَّ وعلا- أتاحت للنصارى الغربيين بما فيهم الحداثيين، أن يمتطوا الدين لتحقيق مآربهم والوصول إلى أغراضهم، ولو كانت هذه المآرب والأغراض تعارض الدين بالكلية أو تناقضه، فإن لديهم من فوضوية الكذب في الدين، والاختلاق فيه، ما يبرر لهم استخدامه على أي نحو يريدون.

٧ - وقبل هذا كله لابد من النظر في طبيعة الصراع بين الحق والباطل والإيمان والكفر والهدى والضلال، فإن الحق قوته في ذاته وبراهينه وأدلته،


(١) ولا يعني هذا بالضرورة أنهم -جميعًا- مستمسكون بهذه الأديان، يدعون إليها ويدافعون عنها ولكنهم استعملوا رموزها ومضامينها لتحقيق مآربهم، وتحصيل مراداتهم الإلحادية الشكية مثل تدنيس المقدس، وحرب ألوهية اللَّه تعالى وغير ذلك من مقاصدهم، وكان صنيعهم في استخدام المصطلحات الدينية الإسلامية بقصد إهانتها وامتهانها كما هو موضح في مواضعه من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>