للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصف اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (١٦) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧)} (١).

وهم قد يلمسون اندحاض حجتهم وزيف باطلهم، ولكنهم يتمسكون بالباطل ويصرون على محاربة الحق، فلا يجدون وسيلة لذلك إلّا العبث والسخرية والاستهزاء لعلهم بذلك يصلون إلى مقاصدهم من خلال هذا اللغو {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦)} (٢).

خطة قديمة حديثة، يمارسها هؤلاء الصغار في فرح وسرور بالخطة الصبيانية، التي طالما علقوا عليها الآمال، وخادعوا بها أنفسهم تحت شعارات {لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}.

لقد سلك أولئك وهؤلاء الطريق نفسه، مسلك الجاهلية الغارقة في الوحول، يحاولون بأسلوب العبث والاستخفاف أن يخدروا ضحاياهم بالكلام الفارغ، وأن يجذبوهم إلى حمأة الشر بزخارف الباطل، وأن يغطوا على عقولهم بهذه الأساليب التي تعمل في العقل الذي يتعاطاها عمل المخدر.

ويسير جدًا على القوم أن ينكروا جميع البراهين القاطعة ويجحدوا كل الأدلة الصادقة، في سياق تلاعب بالألفاظ والمفاهيم، وعبث يبعثر ويهدم.

وفي الجملة لا يعرف في معارك الصراع بين الحق والباطل، أعنف ولا أبلغ في الإجرام من هذا الاستعمار المادي، والاستعمار الحداثي العلماني، فأي إنسان -سويِّ الإنسانية- يقبل أن يكون كما قال أدونيس (فالحق أننا نعلن فوضانا وخيانتنا في ذلك العالم المحتفظ بالجيف المقدسة، ولا نكتفي بل نقنع الجيوش بالخيانة. . . فنحن هدامون، وكل منا قائد اللوعة والرماد


(١) الآيتان ١٦، ١٧ من سورة الشورى.
(٢) الآية ٢٦ من سورة فصلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>