لقد كان الأوائل من أدوات الغزو الفكري الغربي من العرب والمسلمين، يخجلون من وصفهم بالعملاء، ويدفعون عن أنفسهم وصف المذاهب الهدامة وينفون أن يكونوا آلات غزو فكري، ويتظاهرون بالانضباط والسعي للمصلحة والحرص على الخير والخلق!!.
أمَّا أدوات الغزو الفكري المعاصر من حداثيين وعلمانيين فإنهم لا يخجلون من هذه الأوصاف مطلقًا بل يفاخرون بها أعظم المفاخرة!!.
لأن هذه المذاهب الهدامة الحديثة تعتبر عند المشتغلين بها والمنافحين عنها تجارة تقاضوا أجرها من أسيادهم سلفًا، وهي تجارة دنيئة كمتاجرة البغايا بأعراضهن!!، تجارة يعمل فيها من انحرفوا بطبيعتهم حتى أضحوا غير صالحين لعمل نافع منظم، فتراهم يندفعون إلى هذه الأفكار الهدامة على قدر ما يطمعون فيه من ربحها المادي أو المعنوي.
وهنا لا نرى فكرًا ولا عقلًا ولا أدبًا، بل نرى السخرية، واللجاجة في الشر، والاندفاع في الرذيلة، ونجد متاجرين بالشغب والخراب، مفاخرين بالجرائم الفكرية متجهين إلى الفساد والعفن والانحطاط.
هل هذا من باب التجني الذي تقود إليه الخصومة؟ معاذ اللَّه، فإن اللَّه قد أمر بالعدل حتى مع الكافرين، ولكن هذا هو كلامهم عن أنفسهم، وهذا هو اعترافهم عن أعمالهم ومقاصدهم وغاياتهم.
يقول أدونيس: (لا يستطيع الشاعر أن يبنى مفهومًا شعريًا جديدًا إلّا إذا عانى أولًا في داخله انهيار المفهومات السابقة، ولا يستطيع أن يجدد الحياة والفكر، إذا لم يكن عاش التجدد، فصفا من التقليدية، وانفتحت في أعماقه الشقوق والمهاوى التي تتردد فيها نداءات الحياة الجديدة، فمن المستحيل