للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدخول في العالم الآخر، الكامن وراء العالم الذي نثور عليه دون الهبوط في هاوية الفوضى والتصدع والنفي) (١).

ويقول أيضًا: (سأحدد المعوقات بطريقة غير مباشرة، فأقول: الفن العربي الحقيقي هو الحرب، والفن لا يحارب إلّا في مجاله: نظام القيم، نظام اللغة والفكر، التراث، والحرب هنا تتضمن حركتين: تهديم البنية الثقافية - الفنية السائدة، وخلق بنية جديدة.

آخذ أمثلة: إن القصيدة أو المسرحية أو القصة التي يحتاج إليها الجمهور العربي، ليست تلك التي تسليه أو تقدم له مادة استهلاكية، ليست تلك التي تسايره في حياته الجارية، وإنّما هي التي تعارض هذه الحياة، أي تصدمه: تخرجه من سباته، تفرغه من موروثه، وتقذفه خارج نفسه، إنها التي تجابه السياسة ومؤسساتها، الدين ومؤسساته، العائلة ومؤسساتها، التراث ومؤسساته، وبنية المجتمع القائم، كلها بجميع مظاهرها ومؤسساتها، وذلك من أجل تهديمها كلها، أي من أجل خلق الإنسان العربي الجديد، هكذا يلزمنا ثوريًا، مسرح ضد المسرح وشعر ضد الشعر، وقصة ضد القصة: يلزمنا تحطيم الموروث الثابت) (٢).

ويقول: (الهدم شرط أولي لكل شعر ثوري، بل لكل شعر حقيقي) (٣).

وبعد أن ساق جملة أسماء (٤) من الذين يعتبرهم قدوته في الشك والرفض والهدم والفوضى قال موجهًا كلامه لأتباعه: (ولسوف نكمل ما بدأه هؤلاء، ونشك ونرفض ونغير، إذا استطعنا، إيقاعات الخليل، ونثور ونهدم


(١) المصدر السابق: ص ٤٦.
(٢) المصدر السابق: ص ٧٥ - ٧٦.
(٣) المصدر السابق: ص ١٩.
(٤) هم: امرؤ القيس، وأبو نواس، وأبو تمام، والشريف الرضي، والمتنبي، وأبو العلاء المعري، والحلاج، والرازي "يقصد محمد ابن زكريا الملحد"، وابن الراوندي، وشبلي الشميل، وفرح أنطون.

<<  <  ج: ص:  >  >>