للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩)} (١).

ومن جدلياتهم الباطلة المطالبة بالأشياء المادية الحسية واقتراح أن يكون الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- غنيًا لديه كنوز عظيمة، أو جنة كبيرة من نخيل وعنب وأنهار، أو يفجر من الأرض ينبوعًا يجري في بطاح مكة وأوديتها، أو يكون له بيت مزخرف بالذهب مثل بيوت الملوك والأباطرة، ثم انقلبوا متحدين مستخفين مقترحين أن ينزل عليهم قطعًا من العذاب "كسفًا من السماء" لتوقع الهلاك بهم، وهم في ذلك كله لا يطلبون الحقيقة بل يتعمدون الاستهزاء ويتقصدون المعاندة والمكابرة، التي بلغت أشنع درجاتها حين اقترحوا أن يأتي باللَّه -تعالى وتقدس- وبالملائكة ليقفوا مع الرسول وينصروه إن كان صادقًا.

ثم اقترحوا -استهزاءً- أن يرقي في السماء، ومع ذلك لو حصل الرقي فإنهم لن يؤمنوا به لمجرد رقيه بل لابد أن يأتي بكتاب من السماء يقرأونه.

وإذا تأملنا هذه المطالب المتعنتة وجدناها تنبثق من كبر في صدورهم ومن هوى في نفوسهم (٢)، ومن فساد في ضمائرهم وانحراف في مقاصدهم، وضلال في عقولهم، قال اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (٨٩) وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا


(١) الآيات ٧ - ٩ من سورة الفرقان.
(٢) انظر: صراع مع الملاحدة حتى العظم: ص ٤٤٠ - ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>