للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفر القديم الذي ذكره اللَّه في القرآن العظيم، وأعداء الرسل والرسالات قديمًا وحديثًا يبدأون عداوتهم للرسل بتكذيبهم وجحد رسالاتهم والتشكيك فيهم، وإذا تأملنا الجدل الكفري الذي سعى فيه الكفار لرفض الرسل والرسالات نجده النموذج الأول للمعاصرين المعاندين.

حيث لم يأتوا بأي حجة منطقية، بل مجرد العجب والاستغراب والاستبعاد، كما فعل قوم نوح الذين بدأوا ردهم لدعوة نوح عليه الصلاة والسلام بالتعجيب، ثم انتقلوا إلى الاحتجاج بأنهم ما سمعوا بهذا في آبائهم الأولين، ليبرروا تعجبهم وليمارسوا احتجاجهم الزائف بالتقليد الأعمى، ثم انتقلوا إلى ميدان الشتم والذم، ثم يدعون إلى التربص والانتظار ليروا كيف تزول دعوته وتذهب رسالته وتنمحي آثاره، كل ذلك حكاه اللَّه تعالى عنه في قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥)} (١).

وكذلك قال قوم هود وتقدموا بالجدل الباطل ولم يقدموا دليلًا في جدالهم بل مجرد الاستبعاد والتعجب والتعلل والشتم، قال اللَّه تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨)} (٢).

ومثلهم كفار قريش الذين أخبرنا اللَّه عنهم في قوله: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ


(١) الآيتان ٢٤، ٢٥ من سورة المؤمنون.
(٢) الآيات ٣٣ - ٣٨ من سورة المؤمنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>