للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان طلحة بن مصرف قارئ أهل الكوفة يقرؤون عليه القرآن، فلما رأى كثرتهم عليه كأنه كره ذلك لنفسه فمشى إلى الأعمش فقرأ عليه، فمال الناس إلى الأعمش وتركوا طلحة (١).

الله أكبر، ما أرفع هاتيك النفوس!

كيف قَدَرَ على قهر نفسه بهذا التواضع الجم، وكيف تَخَلَّى عن حظوظ نفسه، واستطاع أن يلجمها بلجام العدل، وينصفها في هذا الموقف الرهيب؟

أَلَا ما أحوجنا لمثل هذه النفوس الطاهرة، والقلوب المليئة بالصفاء، والمُتْرَعة بالنقاء!!

هكذا كانوا وهم مَنْ هم في الجلالة والمجاهدة للنفس، فكيف بنا في عصر كثرت فيه أدواء القلوب وعللها!!

هذه أهم صور المكايد الشيطانية التي قد نغفل عنها، وهي كثيرة ينبغي التفطن لها، عصمنا الله جميعًا من كيد الشيطان وحبائله.


(١) الطبقات الكبرى (٦/ ٣٠٨)، والمعارف لابن قتيبة (١/ ٥٢٩).

<<  <   >  >>