للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لوجه الله، وانظر إلى دقة التعبير النبوي: «فَأَخْفَاهَا؛ حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» مبالغة في إسرارها وإخفائها، فعَبَّرَ بقوله: «لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ» أي: أن يده اليسرى لم تعلم بما أنفقته اليمنى لقوة إخلاصه.

عجيبٌ أمر هذه الخبيئة التي يتمثل فيها الصدق مع الله في أرقى درجاته، وأسمى غاياته إذ لا يرجو المرء غير الله، لا يرائي أحدًا، ولا يطلب سوى الله.

وقوله: «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا»: «يعنى صدقة التطوع؛ لأن صدقة الفرض إعلانها أفضل من إخفائها؛ لِيُقْتَدَى به في ذلك، ويُظْهِر دعائم الإسلام» (١).

قال الزبير بن العوام - رضي الله عنه -: «أيكم استطاع أن يكون له خبيئة مِن عملٍ صالحٍ فليفعل» (٢).

والخبيئة من أسباب نور القلب وسعادته:

قال الشافعي - رحمه الله -: «من أحب أن يفتح الله قلبه أو ينوره، فعليه بترك الكلام فيما لا يعنيه واجتناب المعاصي، ويكون له خبيئة فيما بينه


(١) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٨/ ٤٢٨).
(٢) أخرجه ابن المبارك في الزهد والرقائق (١/ ٣٩٢) رقم (١١٠٩)، وابن الجعد في مسنده ص (١١٣) رقم (٦٨٢)، وأحمد بن حنبل في الزهد ص (١١٩) رقم (٧٧٨)، وأبو داود في الزهد ص (١٢٢) رقم (١١٢).

<<  <   >  >>