(أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) أي: إلى أن أذكر لك السبب، وهذا توجيه من معلم لمن يتعلم منه، إلَاّ يتعجل في الرد على معلمه، بل ينتظر حتى يحدث له بذلك ذكراً، وهذا من آداب المتعلم إلَاّ يتعجل في الرد حتى يتبين الأمر.
قوله تعالى:(فَانْطَلَقَا) الفاعل موسى والخضر، وسكت عن الفتى، فهل الفتى تأخر عن الركوب في السفينة، أم أنه ركب ولكن لما كان تابعاً لم يكن له ذكر؟
الجواب: الذي يظهر - والله أعلم - أنه كان تابعاً، لكن لم يكن له تعلق بالمسألة، والأصل هو موسى طوي ذكره، وهو أيضاً تابع.
(حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ) مرَّت سفينة، وهما يمشيان على شاطئ البحر، فركبا فيها.
(أَخَرَقْتَهَا) أي: الخضر بقلع إحدى خشبها الذي يدخل منه الماء، فقال له موسى:(أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا) وهذا إنكار من موسى على الخضر مع أنه قال له: (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً) لكنه لم يصبر؛ لأن هذه مشكلتها عظيمة، سفينة في البحر يخرقها فتغرق! واللام في قوله:(لِتُغْرِقَ) ليست للتعليل ولكنها للعاقبة، يعني أنك إذا خرقتها غرق أهلها، وإلَاّ لا شك أن موسى عليه السلام لا يدري ما غرض الخضر، ولا شك أيضاً أنه يدري أنه لا يريد أن يغرق أهلها، لأنه لو أراد أن يغرق أهلها لكان أول من يغرق هو وموسى، لكن اللام هنا للعاقبة ولام العاقبة ترد في