قوله تعالى:(هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) يشيرون إلى وجهة نظرهم في انعزالهم عن قومهم، قالوا:(هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا) أي صيَّروا آلهة من دون الله، عبدوها من دون الله.
(لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ) يعني هلَاّ (يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ) أي على هذه الآلهة، أي: على كونها آلهة وكونهم يعبدونها. فالمطلوب منهم شيئان:
١ - أن يثبتوا أن هذه آلهة.
٢ - أن يثبتوا أن عبادتَهم لها حق، وكلا الأمرين مستحيل.
(بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ) السلطان كلُّ ما للإنسان به سُلطة، قد يكون المراد به الدليل مثل قوله تعالى) إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا) (يونس: الآية ٦٨)، وقد يكون المراد به القوة والغلبة مثل قوله تعالى عن الشيطان:(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ)(النحل: ١٠٠) وقد يكون الحجة والبرهان كمافي قوله تعالى: (بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ) أي بحجة ظاهرة يكون لهم بها سُلطة؛ ولهذا قالوا:
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً) الفاء للتفريع، مَن: استفهام بمعنى النفي، أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذباً، واعلم أن الاستفهام إذا ضُمِّن معنى النفي صار فيه زيادة