ذلك حتى نسي أن الدنيا لا تبقى لأحد، ثم أضاف إلى ذلك قوله:
(وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً) فأنكر البعث، لأنه إذا كانت جنَّتُه لا تبيد فهو يقول: لا بعث وإنما هو متاع الحياة الدنيا.
(وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي) يعني على فرض أن تقوم الساعة وأرد إلى الله.
(لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً) أي مرجعاً، فكأنه يقول بما أن الله أنعم علي بالدنيا، فلا بد أن ينعم علي بالآخرة، وهذا قياس فاسد؛ لأنه لا يلزم من التنعيم في الدنيا أن ينعم الإنسان في الآخرة، ولا من كون الإنسان لا يُنَعَّم في الدنيا ألا يُنَعَّم في الآخرة، لا تلازم بين هذا وهذا، بل إن الكفار يُنعمون في الدنيا وتُعجل لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، ولكنهم في الآخرة يُعذَّبون. وهذا كقوله تبارك وتعالى في سورة فُصِّلت:(لا يَسْأَمُ الْأِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى) (فصلت: ٥٠)