للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (الكهف: ٧٨)

قوله تعالى: (قَالَ) أي قال الخضر لموسى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) أي انتهى ما بيني وبينك فلا صحبة. (سَأُنَبِّئُكَ) أي سأخبرك عن قُربٍ قبل المفارقة (بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)، وإنما قلنا: "سأخبرك عن قرب" لأن السين تدل على القرب بخلاف سوف، وهي أيضاً تفيد مع القرب التحقيق.

(بِتَأْوِيل) أي بتفسيره وبيان وجهه.

***

(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) (الكهف: ٧٩)

قوله تعالى: (أَمَّا السَّفِينَةُ) "ال" في السفينة هي للعهد الذكري أي: السفينة التي خرقتها.

(فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) أي: أنهم يطلبون الرزق فيها إما بتأجيرها، أو صيد السمك عليها، ونحوه وهم مساكين جمع، والجمع أقله ثلاثة، وليس ضرورياً أن نعرف عددهم.

(فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا) يعني أن أجعل فيها عيباً، لماذا؟ قال:

(وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبا) ً فأردت أن أعيبها حتى إذا مرت بهذا الملك، قال: هذه سفينة معيبة لا حاجة لي فيها؛ لأنه لا يأخذ إلا السفن الصالحة الجيدة، أما هذه فلا حاجة له فيها، فصار فعل الخضر من باب دفع أشد الضررين بأخفهما، ومنه يؤخذ فائدة عظيمة وهي إتلاف بعض الشيء

<<  <   >  >>