للإضراب الإبطالي، يعني بل لن يسلموا من العذاب إذا أُخر عنهم، لهم موعد (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً))، أي مكاناً يؤولون إليه، وهذا يوم القيامة، ويحتمل أن يكون ما يحصل للكفار من القتل على أيدي المؤمنين كما قال عز وجل:(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) (التوبة: ١٥)، إذاً يحتمل أن يكون المراد ما سيكون عليهم من القتل، والأخذ في الدنيا، أو ما سيكون عليهم يوم القيامة الذي لا مفر منه.
قوله تعالى:(وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ) أي: قرى الأمم السابقين، قد يقول قائل هنا إشكال: فإن القرى جماد، والجماد لا يعود عليه الضمير بصيغة الجمع، يعني أنك لا تقول مثلاً:"هذه البيوت عمرناهم" ولكن تقول: "هذه البيوت عمرناها"، فلماذا قال:"أهلكناهم"؟
فالجواب: قال هذا؛ لأن الذي يهلك هم أهل القرى، وفي هذا دليل واضح على أن القرى قد يراد بها أهلها، وقد يراد بها البناء المجتمع، فالقرية أو القرى تارة يراد بها أهلها وتارة يراد بها المساكن المجتمعة، قال تعالى:(وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَاّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ)(القصص: ٥٩)، فالمراد بالقرى هنا أهلها، وقال تعالى: (إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ