للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحاب الكهف، فقال: "أخبركم غداً"، فتوقف الوحي نحو خمسة عشر يوماً، لم ينْزل عليه الوحي، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يدري عن قصص السابقين كما قال تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت: ٤٨). ولكن الله اختبره، فأمسك الوحي خمسة عشر يوماً، كما ابتلى سليمان عليه الصلاة والسلام لما قال: "لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله"، فقال له الملك: "قل إن شاء الله". فلم يقل وطاف على تسعين امرأة يجامعهن، وما الذي حصل؟ أتت واحدة منهن بشق إنسان (١)، حتى يُري الله عباده أن الأمر أمره وأن الإنسان مهما بلغ في المرتبة عند الله تعالى والوجاهة؛ فإنه لا مفر له من أمر الله.

مكث الوحي خمسة عشر يوماً، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم سيلحقه الغم والهم لئلَّا يتخذ هؤلاء القوم مِن تأخرِ إخباره بذلك وسيلةً إلى تكذيبه، والحقيقة أن هذا ليس وسيلة للتكذيب، يعني


(١) عن أبي هريرة قال رسولا الله صلى الله عليه وسلم: " قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعا، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، وايم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون" متفق عليه. البخاري: كتاب الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، (٦٦٣٩). مسلم: كتاب الإيمان، باب: الاستثناء. (١٦٥٤)، (٢٥). واللفظ للبخاري.

<<  <   >  >>