للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصالحات هي كما وصفها الله بباقيات، أما الدنيا فهي فانية وزائلة.

***

(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (الكهف: ٤٧)

قوله تعالى: (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ) أي اذكر لهم (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ) وعلى هذا فإن (يَوْمَ) ظرف عامِلُهُ محذوف والتقدير اذكر (وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) أي: اذكر للناس هذه الحال، وهذا المشهد العظيم (يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ) وقد بين الله عز وجل في آية أخرى أنه يسيرها فتكون سراباً (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً) (النبأ: ٢٠) وتكون كالعهن المنفوش: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (القارعة: ٥)، وذلك بأن الله تعالى يدُك الأرض وتصبح الجبال كثيباً مهيلاً) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً) (المزمل: ١٤) ثم تتطاير في الجو، هذا معنى تُسَيَّرُ. ومن الآيات الدالة على هذا المعنى قول الله تبارك وتعالى في سورة النمل: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (النمل: ٨٨).

بعض الناس قال إنَّ هذه الآية تعني دوران الأرض، فإنك ترى الجبال فتظنها ثابتة ولكنها تسير، وهذا غلط وقول على الله تعالى بلا علم لأن سياق الآية يأبى ذلك كما قال الله تعالى) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَاّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (النمل: ٨٨)) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (التكوير: ٥) بل جميع

<<  <   >  >>