للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدواب أيضاً كما قال تعالى في سورة الأنعام: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (الأنعام: ٣٨). فكلٌّ شيء يحشر، ولهذا يقول الله عز وجل هنا: ((وَحَشَرْنَاهُمْ) أي: الناس، وفي الآية الأخرى (الوحوش) وفي الأخيرة جميع الدواب.

وقوله: (فَلَمْ نُغَادِرْ) أي نترك، (مِنْهُمْ أَحَداً) كل الناس يحشرون، إن مات في البر حشر، في البحر حشر، في أي مكان، لا بد أن يحشر يوم القيامة ويجمع.

***

(وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) (الكهف: ٤٨)

قوله تعالى: (وَعُرِضُوا) أي: عرض الناس (عَلَى رَبِّكَ) أي: على الله سبحانه وتعالى.

(صَفّاً) أي: حال كونهم صفاً بمعنى صفوفاً، فيحاسبهم الله، أما المؤمن فإنه يخلو به وحده ويقرره بذنوبه ويقول له عملت كذا وعملت كذا، فيقر فيقول له أكرم الأكرمين: "إني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم" (١) يغفر الله عز وجل له يوم القيامة، ولا يعاقبه عليها وفي الدنيا يسترها، فكم من ذنوب لنا اقترفناها في الخفاء؟ كثيرة، سواء كانت عملية في


(١) متفق عليه. البخاري: كتاب المظالم، باب: قول الله تعالى: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)، (٢٤٤١). مسلم: كتاب: التوبة، باب: قبول توبة القاتل، وإن كثر قتله، (٢٧٦٨)، (٥٢).

<<  <   >  >>