هي المخاصمة وسميت المخاصمة مجادلة؛ لأن كل واحد يَجْدُلُ حجته للآخر والجَدْل هو فتل الحبل حتى يشتد ويقوى، هذا أصل المجادلة، إذاً يجادل أي يخاصم، والمخاصمة بالباطل باطلة، مثال ذلك في الرسل يقولون:(أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا)(التغابن: الآية ٦)،) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) (المؤمنون: الآية ٢٤)، ويجادلون في البعث فيقولون:(من يحي العظام وهى رميم)(يس: ٧٨)، ويجادلون في الآلهة يقولون: إذا كان المشركون وما يعبدون من دون الله حصب جهنم، فعيسى عليه السلام من حصب جهنم، وغير ذلك من المجادلة، وقد أبطل الله مجادلتهم بعيسى قال الله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى)(الانبياء: الآية ١٠١)، ومنهم عيسى) أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) (الانبياء: الآية ١٠١) ويستفاد من الآية أن كل إنسان يجادل من أجل أن يدحض الحق فإن له نصيباً من هذه الآية، يعني أن فيه نصيباً من الكفر والعياذ بالله لأن الكافرين هم الذين يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق، فإذا قال قائل:"الشبهات التي يوردها من يوردها من الناس، كيف يقال إنها باطل وهي شبهة؟ ".
فالجواب: إذا كان غرضهم منها أن يُدحضوا الحق، مثل الذين ينكرون حقيقة استواء الله على العرش ويقولون: إنه لو استوى على العرش لكان "جسماً"، فهؤلاء جادلوا بالباطل من أجل أن يدحضوا الحق الذي أثبته الله لنفسه، وأما مسألة أن الله "جسم" أو غير "جسم" فهذه شيء آخر، المهم أنهم أتوا بهذه الكلمة من أجل إدحاض الحق، ونحن لا ننكر عليهم مسألة أنه "جسم أو غير جسم"، ننكر أنهم أنكروا حقيقة الاستواء، وأما