* وختامها: فإن ديننا دين السماحة والوسطية؛ فلم يمنع المرأة من كشف ما تحتاج إليه من عينيها لرؤية الطريق، ولم يأذن لها بكشف الوجه بأكمله لأنه مظنة الفتنة، وليس في تغطيته مشقة ولا تفويت مصالح لها، وليس فيه عائق دون القيام بواجباتها.
هذا مجمل ما ستجده في مناقشة البحوث التي احتج بها الشيخ الألباني في مسألة الحجاب، والتي تبين منها أن الشيخ الألباني قال قولا شذ فيه، وجانب الحق والصواب، وخالف الأدلة والبراهين، وخالف جماهير العلماء، ومع ذلك فإننا نقول بأن الشيخ معذور بل إن شاء الله مأجور؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (٦/ ٩٣): إن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا، قد تكون منه الهفوة والزلة؛ هو فيها معذور بل مأجور، لا يجوز أن يتّبع فيها مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين.
وقد كان من حسنات ما كتبه الشيخ الألباني في مسألة الحجاب أنه أيقض همة النائمين وأشعل الحماس للبحث، فكان دافعا للغوص في بحور من العلم لم نكن من قبل ننهل من سواحلها، فرحمك الله يا شيخ؛ ركبنا بحر مذهبنا لنبحث فوجدنا بحور المذاهب الأربعة كلها قد تطلعت لآلئها للباحثين عن الحق الذي لم يقصر الأئمة الأُول في بيانه، ولكنه جمود كل جيل على جهد من قبله حتى اندثرت
بعض الحقائق بل وقُلب بعضها؛ إذ إن كل جيل لا ينقل ما يجده عن سابقه برمَّته؛ ولكنه يشرح ويفصِّل حسب فهمه لقول شيخه متأثرا بمتغيرات عصره، ثم يتناقل ذلك من بعدهم على أنه مُراد المصنف الأول وقول صاحب المذهب،