فيقال إن كان هناك خطأ في قول ابن حجر؛ فهو في فهم ابن حجر أن النساء شرعن في تغطية وجوههن إثر نزول النهي عن إبداء الزينة والأمر بضرب الخمر في سورة النور؛ والصحيح أن النساء شرعن بتغطية وجوههن بالجلابيب إثر نزول الأمر بإدناء الجلابيب في سورة الأحزاب كما بينّاه سابقا، أما آية النور فسيأتي في مناقشة البحث التاسع بيان ما تعنيه وأن الأمر بضرب الخمر أمر متعلق بفئات أبيح لهم الدخول على المرأة والنظر إليها دون حجاب كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وعلى ذلك فقول ابن حجر (غطين وجوههن) ليست خطأ منالناسخ ولا سبق قلم بل إنها من قصد المؤلف يدل على ذلك قوله في موضع آخر من الفتح (٩/ ٣٢٤): (وقد قالت عائشة كما تقدم في تفسير سورة النور لما نزلت وليضربن بخمرهن على جيوبهن أخذن أزرهن من قبل الحواشي فشققنهن فاختمرن بها ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب).
ثالثا: أنكر الشيخ الألباني أن التقنع يعني تغطية الوجه؛ وقصر معناه على تغطية الرأس دون الوجه؛ مخالفا بذلك معناه عند أهل اللغة والتفسير والفقه والحديث، على أنه ليس له شاهد على ذلك إلا ما نقله من المعجم الوسيط (١) وهو قوله: (تقنعت المرأة أي: لبست القناع وهو ما تغطي به المرأة رأسها) وهو لفظ عام، لا ينفي كون الوجه داخلا فيما يغطيه القناع من الرأس! فإطلاق الرأس إما أن يراد به أعلاه وهو موضع العمامة من الرجل والخمار
(١) إلا أنه أشار إلى غيره دون ذكر اسم فقال " وغيره".