للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ثانيا: توافق المعنى الذي يحمله تأويل ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهم - لهذه الآية {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} فإن الآية تضمنت معنيين مترادفين أشار ابن عباس إلى أحدهما وأشار ابن مسعود إلى الآخر، فإن الله تعالى نهى المرأة في هذه الآية عن إبداء زينتها؛ وهي كما صح عن ابن مسعود " القرط والدملج (١) والخلخال والقلادة" (٢) وذلك بلبس ما يخفي هذه الزينة من رداء أو ملحفة مما تتخذه المرأة في بيتها - وهو ما يسميه العامة الآن الجلال - وهو ما عبر عنه ابن مسعود بقوله (الثياب) فإذا أخفت المرأة هذه الزينة بلبس هذه الثياب وضربت الخمار على جيبها فلن يظهر من الزينة إلا مافي (الوجه والكفين) من الكحل والخضاب والخاتم والسوار، وإلى هذا المعنى أشار ابن عباس. فالخلاف خلاف تنوع وليس خلاف تضاد؛ فإن ابن مسعود لم يعُدّ مما سيَخفَى من الزينة تحت الثياب ما أظهره ابن عباس من الوجه والكفين، وابن عباس لم يُظهر ما أخفاه ابن مسعود تحت الثياب من القرط والدملج والخلخال والقلادة!! (٣) وبذلك اتضح اتفاقهما في المراد من الآية وأمكن الجمع بين كل ما ورد في تأويل قوله تعالى (إلا ما ظهر منها).


(١) الدملج: المعضد من الحلي (النهاية في غريب الأثر ٢/ ١٣٤).
(٢) ابن جرير ١٨/ ١١٧، ابن أبي حاتم ٨/ ٢٥٧٤، والطبراني في المعجم الكبير ٩/ ٢٢٨ (٩١١٦) واللفظ له.
(٣) صح عن بعض التابعين الجمع بين هذين القولين (الوجه والثياب) في تفسير هذه الآية كمجاهد وعكرمة والشعبي؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه حجاب المرأة ولباسها في الصلاة (١/ ١٩): ولذلك ذهب بعض السلف إلى الجمع بين قوليهما فقال ابن جرير في تفسيره (١٨/ ٩٤): وقال آخرون عني به الوجه والثياب؛ ثم روى بإسنادين صحيحين له عن الحسن البصري أنه قال: "الوجه والثياب".

<<  <   >  >>