للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس في هذا الأثر حجة على جواز كشف الوجه، لأنه ليس فيه إلا رؤية الكفين، ومع ذلك فإن من المتفق عليه عند أهل العلم أن الحجاب واجب على أمهات المؤمنين دون استثناء لوجه أو كف، وأنهن لم يكن يبرزن للرجال الذين يجب عليهن الاحتجاب منهم ولو كن مستترات بالجلابيب كما قال ابن عبد البر في الاستذكار ٦/ ١٧٠: "إن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكلمن إلا من وراء حجاب متجالات كن أو غير متجالات" فكيف يسوغ الاستشهاد بهذا الأثر على أنها كانت كاشفة لكفيها على مرأى من رجل حر أجنبي يجب عليها الاحتجاب منه؟!! ولذلك يُبطِل الاستشهاد بهذا الأثر أمرين:

الأول؛ قال ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٢٢١): ذكر عبد الرزاق ... وساق هذا الأثر الذي استشهد به الشيخ الألباني؛ ولم أجد هذا الأثر بهذا اللفظ في مصنف عبد الرزاق ولا في غيره! ولذلك قال الشيخ الألباني في حاشية جلباب المرأة ص/١٠١ (كذا في "التمهيد" لابن عبد البر "١٧/ ٢٢١") ولم يجزم بعزوه لعبدالرزاق!! ولعل ابن عبد البر أرادما روى البخاري (٧/ ١٠٢) ومسلم (٢/ ٩٥٩): عن مسروق قال: سمعت عائشة، وهي من وراء الحجاب تصفق، وتقول: (كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي) (١) فقد ذكره في كتابيه التمهيد والاستذكار، وهذا هو الثابت في الصحيحين.


(١) تقليد البدنة: أن يعلق في عنقها شيء ليعلم أنها هدي. وأصل القلد: الفتل، يقال قلدت الحبل، إذا فتلته. مقاييس اللغة (٥/ ١٩).

<<  <   >  >>