للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا حمل بعض أهل العلم هذا الحديث على فرض صحته على ما قبل الحجاب؛ كابن قدامة (ت ٦٢٠ هـ) في المغني (٧/ ١٠٢) حيث قال" وأما حديث أسماء إن صح فيحتمل أنه كان قبل نزول الحجاب، فنحمله عليه".

ولكن هذا يشكل عليه أن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث يوافق ما أمرت به النساء بعد أمرهن بإدناء الجلابيب لتغطية وجوههن من الرجال الأجانب؛ وهو أمرن بضرب الخُمر على جيوبهن في البيوت وألّا يبدين من زينتهن إلا ما في الوجه والكفين من الزينة أمام من يحل له الدخول عليهن والنظر إليهن دون حجاب من الرقيق ونحوهم، فدل ذلك على أن هناك خطأ أو وهم من رواة هذا الحديث بأن أسماء بنت أبي بكر هي التي دخلت على عائشة بهذه الثياب الرقاق؛ والصحيح: أن عائشة هي التي كانت لابسة لهذه الثياب الرقاق - كما سيأتي في رواية ابن جريج - يؤيد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيد حديثه بمن بلغت سن المحيض كما في رواية ابن دريك (إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها) وفي رواية ابن جريج كما سيأتي (إذا عركت لم يحل لها) فدل ذلك على أن اللابسة للثياب الرقاق كانت قريبة من سن بدء المحيض، وهذا يبعد أن تكون أسماء؛ لأن أسماء ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، وعائشة كان لها عند الهجرة تسع سنوات تقريبا؛ فهي الأقرب لسن المحيض، وهي الأقرب أن يقع منها ذلك لصغر سنّها.

(٢) الأمر الثاني المشكل في الحديث هو لبس الثياب الرقاق؛ فإما أن يكون وهم من الرواة فقد جاء في رواية أسماء بنت عميس (وعليها ثياب واسعة الأكمام)، أو

<<  <   >  >>