ولأنها الموافقة للقرآن؛ فقد صح عن عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة، والمسور بن مخرمة، وقتادة؛ في تأويل قوله {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أنها الخاتم والسوار كما سيأتي قريبا في البحث التاسع. فهذا يشهد لصحة حديث ابن جريج وأن موضع السوار من الذراع مما يلي الكف يعد من الزينة الظاهرة، وهذا مما لم يقل بجواز كشفه للرجال الأجانب الشيخ الألباني ولا غيره من أهل العلم! فهذا يؤكد أن المراد بالحديث بيان ما يحل للمرأة إظهاره لمن يحل له الدخول عليها والنظر إليها دون حجاب من الرقيق ونحوهم، وليس المراد جواز إظهار ذلك لمن يجب عليها الاحتجاب منهم من الرجال الأحرار الأجانب.
قال دروزة محمد عزت (ت ١٤٠٤ هـ) في التفسير الحديث (٢/ ٣٨٨) بعد أن ساق أثر ابن جريج وقتادة: والحديثان لم يردا في كتب الأحاديث الخمسة ولكنهما متفقان مع ما ورد فيها، ومع ما ذكره المؤولون في تأويل جملة آية سورة النور.
فنخرج من هذا المبحث بأن حديث عائشة " إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه" ليس فيه حجة على جواز كشف وجه المرأة؛ لأن المراد به هو ما يحل للمرأة إظهاره لمن يباح لهم الدخول عليها والنظر إليها دون حجاب؛ وليس ما تظهره للرجال الأحرار الأجانب الذين يجب عليها أن تحتجب منهم.