فإن هناك فئات من الناس يحل لهم الدخول على المرأة ورؤيتها دون حجاب لم يستثنوا في الآية وهم: العم والخال، والمحرم بالمصاهرة (زوج البنت، وزوج الأم، وابن الزوج، وأبو الزوج)(١) والمحرم بالرضاع، والعبيد المملوكون للغير، والعبد المملوك إذا كان من أولي الإربة، والصبية المميزون الذين لم يبلغوا الحلم، والنساء غير المسلمات؛ فهؤلاء هم المعنيون بنهي المرأة الحرة عن إبداء زينتها لهم {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ... فإن الذي تحقق؛ أنه بعد أن ضُرب الحجاب في البيوت ومُنع الرجال الأحرار الأجانب من الدخول على النساء الأجنبيات الحرائر، وبقي الأِذن بالدخول عليهن ورؤيتهن للمحارم وللعبيد المملوكين من الأجانب؛ نزلت هذه الآيات من سورة النور لتبين حدود ما تظهره المرأة من الزينة أمامهم: فأمرت بالتحرز والتحفظ باتخاذ الثياب الظاهرة (من رداء أو ملحفة وهو ما يسميه العامة الآن الجلال) وبضرب الخمار على الجيب فلا تبدي إلا الوجه والكفين بما فيهما من الزينة؛ وهذا تظهره المرأة الحرة لمن يحل له الدخول عليها والنظر إليها دون حجاب ممن لم يستثن في الآية، وهو أيضا ما يحل أن تظهره الأمة المملوكة لجميع الرجال الأجانب، أما من استثناهم الله في الآية ممن أبيح لهم النظر للمرأة بقوله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ} النور ٣١٠ ... فقد أباح الله - عز وجل - لها أن تضع الرداء ولا تضرب الخمار على جيبها أمامهم.
(١) كما سيأتي لاحقا أنهم ليسوا المعنيون بقوله (أو آباء بعولتهن. .. أو أبناء بعولتهن)