وهذا أيضا ليس فيه حجة لأنه لم يذكر رؤيته لوجوههن وإنما رآهن يحملن الماء وهذا من وظيفتهن في الغزوات، علاوة على أن هؤلاء النسوة قد يكن من الإماء. هذا على فرض صحة إسناده وإلا فإنه لا يصح لأنه مرسل فيه شريح بن عبيد الحضرمي وهو كما قال عنه ابن حجر في التقريب ١/ ٢٦٥:"كان يرسل كثيرا" وفي التهذيب ٤/ ٢٨٨: "أنه لم يسمع من أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - " ولذلك قال الشيخ الألباني عقبه أن له طريق آخر ضعيف معضل ولكن هل يصح تقوية المرسل بضعيف معضل؟!
وبذلك فلا حجة فيما استشهد به الشيخ الألباني على خروج النساء الحرائر ومشاركتهن للرجال في الأعمال، فمن أشد الخطأ في حق المرأة أن ينادى بهذه المساواة؛ فهذه خديجة بنت خويلد قبل الحجاب وقبل الإسلام لم تكن تخرج بتجارتها وإنما كانت تبحث عمّن يخرج بها من الرجال، وهذه عائشة لما خرجت للكوفة كانت مستترة في الهودج على البعير يقوده الرجال ...
وبذلك تبين أن الشيخ الألباني رحمه الله قال قولا شذ فيه وجانب الحق والصواب في هذه المسألة، وخالف الأدلة والبراهين، وخالف جماهير العلماء؛ فسقطت بذلك حجته وبطل ماذهب إليه من إباحة كشف الوجه للمرأة الحرة، وإني أختم بما ختم به الشيخ الألباني وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية:" والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة ثبوت لفظه ودلالته، كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله".