للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: أن هذا القول مبني على "أصل ثابت" وهو ما أُثر عن ابن عباس - رضي الله عنه - في تفسير آية إدناء الجلابيب؛ قال: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة) (١) ولا يصح قول الشيخ الألباني عن هذا الأثر أنه من (الآثار الواهية)!! وذلك لعلَّتين في إسناده لا تقدح في صحته، ولا تصل به إلى درجة القول بأنه من الآثار الواهية!! فإنه لاينزل عن رتبة الحسن، وله من الشواهد الصحيحة ما يتقوى بها ويرتقي بها من الحسن إلى الصحيح.

ولذلك فإن هذه الرواية تعد من الروايات الثابتة والمعتبرة عند المفسرين والمحدثين: قوّاها الإمام أحمد، واحتج بها البخاري في" الجامع الصحيح" كما احتج بها أئمة التفسير: ابن جرير في" جامع البيان" وابن المنذر، وابن أبي حاتم في" تفسير القرآن" والطبري واعتمد على هذه الرواية علامة الشام محمد جمال الدين القاسمي في تفسيره" محاسن التأويل" والإمام القرطبي في تفسيره" الجامع لأحكام القرآن" وكذلك الإمام ابن كثير في تفسيره في مواضع عديدة وغيرهم من المفسرين، فكانت قوية محتجا بها عند علماء التفسير وغيرهم، كما أن ظاهر القرآن والسنة وآثار الصحابة والتابعين تؤيدها، فلا وجه للطعن فيها، وسيأتي بيان وتفصيل لصحة الاحتجاج بهذا الأثر في مناقشة البحث السابع.


(١) صحح هذا الإسناد ابن حجر في فتح الباري (١٣/ ٢٧١)، والسيوطي في الإتقان (٢/ ٥)، وحسّنه حكمت بن بشير في الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (٣/ ٤٦٤).

<<  <   >  >>