الحجاب (تغطية الوجه) على المرأة الحرة عن الرجل الحر، فلم يُفرض على المرأة الحرة أن تحتجب من العبد المملوك، ولم يُفرض على المرأة المملوكة أن تغطي وجهها، وكان هذا داعيا للخلاف بين الفقهاء المتقدمين في مسألتين: جواز نظر (الأجنبي) العبد المملوك للوجه والكفين من المرأة الحرة، ومالذي يجب عند خوف الفتنة؛ أن يغض الرجل بصره أم تغطي المرأة وجهها. كان هذا مدار اختلاف الفقهاء المتقدمين في هذه المسألة وهو الذي أحدث اللبس عند المتأخرين ومنهم الشيخ الألباني الذي بنى رأيه في هذه المسألة على هذا الخلاف! أما وجوب ستر المرأة الحرة لوجهها عن الرجال الأحرار الأجانب فلا خلاف فيه بين من تقدم من أهل العلم بل الإجماع على وجوبه باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، فقد افترض الله تغطية الوجه على جميع النساء الحرائر بقوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}
صح عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت (لما نزلت خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية) وفي رواية (من أكسية سود يلبسنها)(١) وثبت عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال في تأويلها (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة) وصح عن عبيدة السلماني أنه لما سُئل عن تأويلها (تقنع بردائه فغطى أنفه وعينه اليسرى وأخرج عينه اليمنى وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه أو على الحاجب). وهذا ماجرى عليه عمل النساء المسلمات الحرائر منذ
(١) سنن أبي داود (٤١٠١) وصححه الألباني في صحيح أبي داود ٤/ ٦١.