ومن ذلك ما استشهد به الشيخ الألباني من قول ابن عبد البر في التمهيد عن عورة المرأة في الصلاة (٦/ ٣٦٣ - ٣٦٧): (وقد أجمعوا أنه من صلى مستور العورة فلا إعادة عليه، وإن كانت امرأة فكل ثوب يغيب ظهور قدميها ويستر جميع جسدها وشعرها فجائز لها الصلاة فيه لأنها كلها عورة إلا الوجه والكفين .. وقال أبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها ... قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ... وقد روي نحو قول أبي بكر عن أحمد بن حنبل)!! وهذا كما هو ظاهر لأن ابن عبد البر حمل كلام أبي بكر على أنه يعني عورتها في الصلاة ولذلك أنكر عليه هذا القول. أما قول ابن عبد البر عقبه (وأجمعوا على أنها لا تصلى متنقبة ولا عليها أن تلبس قفازين في الصلاة وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة، وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة)
فيتبين من قوله (كل من نظر إليها) أن مراده كل من جاز له الدخول عليها والنظر إليها دون حجاب؛ من محارم، أو أجانب مملوكين أو أتباع، أما الرجال الأحرار الأجانب فمن المعلوم منعهم من النظر إليها، ومما يشهد لذلك؛ أن ابن عبدالبر صرّح في موضع آخر بأن الحجاب حال دون النظر للنساء لتغطيتهن لوجوههن إثر نزول آيات الحجاب: فقال في التمهيد (٨/ ٢٣٥): احتجاب النساء من الرجال لم يكن في أول الإسلام وأنهم كانوا يرون النساء ولا يستتر نساؤهم عن رجالهم ... حتى نزلت آيات الحجاب ... فأنزل الله عز وجل {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ