وجب ذلك في الآية وجب مثله في الآية والسنة وفي الآية والإجماع؛ لأن هذه كلها أصول قد لزم العمل بها فهي كالآية الواحدة وكالأصل الواحد؛ متى تعلق متعلق بظاهر الآية، تعلّق الآخر بخصوص السنة، فتجاذباه، فإذا رَامَ أَحدهما طَرْحَ ما تعلّق صاحبه به، وعارضه صاحبه بمثل ذلك، فيما يتعلق به، فإذا تعارض بالحُجَّةِ لزم بهما، وبكل واحد منهما فصار كالآيتين، ووجب الجمع بينهما على ما يؤدي إلى استعمالهما، وباللَّه التوفيق.
بَابُ القَوْلِ فِي الأَخبَارِ إِذَا اخْتَلَفَتْ
ومذهب مالِكٍ -رحمه اللَّه- في فعل ما اختلفت الأخبار به، مثل ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من قول الإِمام: آمين وتركه.
وما رُوِيَ عنه من رَفْع اليدين في الصلاة عِند الركوع والرفع منه وتركه والتسبيح في الركوع.
وأشباه ذلك مما اختلفت الأخبار فيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا لم تَقُم الدلالة على قُوَّة أحدهما على الآخر، ولا ما أوجب إسقاطهما ولا إسقاط أحدهما، والحجة في ذلك أن الخبرين إذا ثبتا جميعًا ليس أحدهما أولى من صاحبه، ولا طريق إلى إسقاطهما، ولا إلى إسقاط أحدهما، وقد استويا وتقاوما وأمكن الاستعمال، فلم يَبق إلا التَّخَيُّرُ فيهما، وإن كان كلّ واحد منهما سَدّ مَسَدّ الآخر، وصار بمنزلة الكَفَّارة التي دخلها التَّخَيُّرُ، واللَّه أعلم.
ومذهب مالك -رحمه اللَّه- أن خبر الواحد إذا اجتمع مع القياس، ولم يمكن استعمالها جميعًا، قُدِّم القياس عند بعض أصحابنا، والحُجَّة له على ذلك أن خَبَرَ الواحد لما جاز عليه النَّسْخُ والغلط والسهو والكذب والتخصيص، ولم يَجُزْ على القياس من الفساد، إلا وجه واحد، وهو أن هذا الأصل مَعْلول بهذه العلة فصار أقوى من خبر الواحد، فوجب أن يقدّم عليه، وقد اختلف في ذلك، فقيل: خبر الواحد أَولى من القياس في هذا الذي ذكرناه.
وقيل: القياس أوْلَى لما ذكرناه، واختلف فيه أصحابنا، واللَّه أعلم.