بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ يَقُولُ كَانَ أَبُو الْحَجَّاجِ الْبَادِسِيُّ الْفَقِيهُ الصَّالِحُ إِذَا رَأَى رَجُلًا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا وَحَوْلَهُ النَّاسُ يَخْدِمُونَهُ يَتَعَجَّبُ وَيَقُولُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الَّذِي مَحْبُوبُ النَّاسِ عِنْدَهُ كَيْفَ اسْتَخْدَمَهُمْ لِطَمَعِهِمْ فِيهِ وَالْوُصُولِ إِلَيْهِ
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَهَذِهِ إِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى قِلَّةِ مَعْرِفَةِ النَّاسِ بِالْمَحْبُوبِ الْأَعْظَمِ الْأَنْفَعِ وَكَيْفَ يَطْمَعُونَ فِي الْوُصُولِ إِلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ وَطَلَبٍ وَلَا خِدْمَةٍ
٤٩٢ - أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا مِنَ الْمَعْرُوفِينَ بِالصَّلَاحِ وَطَلَبِ المباحي الْمُبَاحِ مِنْ صِغَرِهِ إِلَى كِبَرِهِ اسْتَوْطَنَ جَزِيرَةً بِقُرْبِ ثَغْرِ رَشِيدٍ وَزرع فِيهَا شجيرات ومقاثئ وَعلم مَلَّاحَةً وَمِنْهَا قُوتُهُ وَانْتَفَعَ بِهِ وَبِكَرَمِهِ هُنَاكَ وَصَارَ مَلْجَأً يَقْصِدُهُ الْبَحْرِيُونَ رُبَّمَا دَخَلَ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَيَدْخُلُ إِلَيَّ وَكَانَ أَثَرُ الْخَيْرِ وَالْعِبَادَةِ بَيِّنًا عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَاللَّهُ تَعَالَى يُوَفِّقُنَا لِعِبَادَتِهِ وَيَحُلُّنَا دَارَ كَرَامَتِهِ
٤٩٣ - قَالَ لِي الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ الشَّلْبِيُّ حَيْنَ قَدِمَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ حَاجًّا سَنَةَ سَبْعٍ وَعشْرين وَخَمْسمِائة وَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا مِنَ الْأَنْدَلُسِ مِثْلُهُ وَصَّانِي أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَرْخِيِّ اللَّخْمِيُّ لَمَّا وَدَّعَنِي بِقُرْطُبَةَ أَنْ آخُذَ لَهُ مِنْكَ الْإِجَازَةَ فَأَجَزْتُ لَهُ قَالَ ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَلَيْسَ بِالْأَنْدَلُسِ الْآنَ مِثْلُهُ قَالَ وَابْنُ عَمِّهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْخِيِّ مِنَ الْكُتَّابِ الْكِبَارِ وَلَهُ شِعْرٌ وَتَرَسُّلٌ مُدَوَّنٌ وَلَيْسَ عِنْدَ سُلْطَانِ الْمَغْرِبِ الْمُلَثَّمِ مِثْلُهُ وَمِثْلُ أَبِي مَرْوَانَ بْنِ أَبِي الْخَصَّالِ الْقُرْطُبِيِّ
هَذَا آخِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ
٤٩٤ - وَأَبُو جَعْفَرٍ فَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطَّلَاعِ وَأَبِي مَرْوَانَ بْنِ سِرَاجٍ وَأَبِي الْحَجَّاجِ الْأَعْلَمِ وَآخَرِينَ
وَابْنِ أَبِي حَبِيبٍ فَقَدْ كَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الْأَنْدَلُسِ وَلَهُ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ الْحَظُّ الْوَافِرُ الشَّرْعِيَّاتِ وَالْأَدَبِيَّاتِ
وَسَمِعَ عَلَيَّ جُزْءًا مِنْ تَخْرِيجَاتِي وَتَوَجَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute