يَكُونُوا رَأَوْهُ بِمَنْزِلَة إتْيَان الْآتِي لم يكن شوهد قبل. قَالَ: وَأما الصُّورَة فتتأول على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنَّهَا بِمَعْنى الصّفة، كَقَوْل الْقَائِل: صُورَة هَذَا الْأَمر كَذَا. وَالثَّانِي: أَن الْمَذْكُور من المعبودات فِي أول الحَدِيث صور، فَخرج الْكَلَام على نوع من الْمُطَابقَة. قَالَ: وَقَوله: ((فِي أدني صُورَة رَأَوْهُ فِيهَا)) دَلِيل على أَن المُرَاد بالصورة الصّفة، لأَنهم مَا رَأَوْهُ قبلهَا، فَعلمت أَن المُرَاد الصّفة الَّتِي عرفوه بهَا. وَقَالَ غَيره من الْعلمَاء: يَأْتِيهم بأهوال الْقِيَامَة وصور الْمَلَائِكَة، وَمَا لم يعهدوا مثله فِي الدُّنْيَا، فيستعيذون من تِلْكَ الْحَال وَيَقُولُونَ: إِذا جَاءَ رَبنَا - أَي إِذا أَتَانَا بِمَا نعرفه من لطفه وَهِي الصُّورَة الَّتِي يعْرفُونَ، فَيكْشف عَن سَاق: أَي عَن شدَّة، كَأَنَّهُ يرفع تِلْكَ الشدائد، فيسجدون شكرا.
وَقد أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْحَاكِم وَيحيى بن عَليّ المدير قَالَا: أخبرنَا ابْن النقور قَالَ: أخبرنَا ابْن حبابة قَالَ: أَنبأَنَا الْبَغَوِيّ قَالَ: حَدثنَا هدبة قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد يَعْنِي ابْن سَلمَة، عَن عَليّ بن زيد عَن عمَارَة الْقرشِي عَن أبي بردة قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ((إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة مثل لكل قوم مَا كَانُوا يعْبدُونَ فِي الدُّنْيَا، وَيبقى أهل التَّوْحِيد، فَيُقَال لَهُم: مَا تنتظرون وَقد ذهب النَّاس؟