فَيَقُولُونَ: إِن لنا رَبًّا كُنَّا نعبده فِي الدُّنْيَا لم نره. قَالَ: وتعرفونه إِذا رَأَيْتُمُوهُ؟ فَيَقُولُونَ: نعم، فَيُقَال لَهُم: وَكَيف تعرفونه وَلم تروه؟ قَالُوا: إِنَّه لَا شبه لَهُ، فَيكْشف لَهُم الْحجاب، فَيَنْظُرُونَ إِلَى الله تبَارك وَتَعَالَى فَيَخِرُّونَ لَهُ سجدا، وَيبقى أَقوام فِي ظُهُورهمْ مثل صياصي الْبَقر، فيريدون السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ، فَذَلِك قَول الله عز وَجل: {يَوْم يكْشف عَن سَاق وَيدعونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [الْقَلَم: ٤٢] فَيَقُول الله عز وَجل: عبَادي، ارْفَعُوا رؤوسكم، فقد جعلت بدل كل رجل مِنْكُم رجلا من الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي النَّار)) .
وَكَانَ ابْن عقيل يَقُول: الصُّورَة على الْحَقِيقَة تقع على التخاطيط والأشكال، وَذَلِكَ من صِفَات الْأَجْسَام، وَالَّذِي صرفنَا عَن كَونه جسما من الْأَدِلَّة النطقية قَوْله: {لَيْسَ كمثله شَيْء} [الشورى: ١١] وَمن أَدِلَّة الْعُقُول أَنه لَو كَانَ جسما لكَانَتْ صورته عرضا، وَلَو كَانَ جسما حَامِلا للأعراض لجَاز عَلَيْهِ مَا يجوز على الْأَجْسَام، وَاحْتَاجَ إِلَى مَا احْتَاجَت إِلَيْهِ من الصَّانِع وَلَو جَازَ قدمه مَعَ كَونه جسما لما امْتنع قدم أَحَدنَا، فَلَيْسَ لله سُبْحَانَهُ عِنْدهَا، وَلَا الْقَوْم الَّذِي أَنْكَرُوا فِي الْقِيَامَة صُورَة من صور الذوات يُنْكِرُونَهَا ويأنسون بِمَا سواهَا، فأحوجتنا لذَلِك الْأَدِلَّة إِلَى تَأْوِيل صُورَة تلِيق إضافتها إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَيصِح عَلَيْهَا التَّغَيُّر والتعريف والتنكير، وَمَا ذَلِك إِلَّا الْحَال الَّتِي يُوقع عَلَيْهَا أهل اللُّغَة اسْم صُورَة، فَيَقُولُونَ: كَيفَ صُورَتك مَعَ فلَان، وَفُلَان على صُورَة من الْفقر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute