وَلم تبل. وَمعنى ثَلَطَتْ: أَلْقَت رجيعها سهلا رَقِيقا. وَذكر الثلط وَالْبَوْل للتشبيه بِمَا يُخرجهُ المقتصد فِي جمع المَال فِي الْحُقُوق.
قَوْله: ((إِن هَذَا المَال خضر)) قَالَ أَبُو عبيد: الخضرة: الْحسن الغض، وكل شَيْء غض طري فَهُوَ خضر، وَأَصله من خضرَة الشّجر.
وَقَوله: ((وَنعم صَاحب الْمَرْء الْمُسلم هُوَ لمن أعْطى مِنْهُ الْمِسْكِين واليتيم)) . رُبمَا رَأَيْت فِي الْأَحَادِيث ذمّ المَال ومدحه، فاسمع فصل الْخطاب: المَال لَا يُرَاد لذاته، وَإِنَّمَا هُوَ سَبَب للتوصل إِلَى الْآخِرَة، كَمَا أَن النَّاقة سَبَب للوصول إِلَى الْكَعْبَة، فَمن لم يحسن إِلَى رَاحِلَته عطبت فافتقر إِلَى النَّاس أَو تلف، وَمن تشاغل بتسمينها وتزيينها سبقه الْحَاج. فَكَذَلِك المَال إِنَّمَا يُرَاد للبلاغ إِلَى الْآخِرَة، فَإِذا تشاغل الْإِنْسَان بجمعه عَمَّا وضع لَهُ توجه الذَّم إِلَى قبح هَذَا الْفِعْل، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
(وَمن ينْفق الْأَيَّام فِي حفظ مَاله ... مَخَافَة فقر، فَالَّذِي فعل الْفقر)
وَلما قصد السّلف المَال للمعنى الممدوح جمعُوا مِنْهُ مَا يَكفهمْ عَن الطمع، وَيجمع هممهم عَن التشتت، فَكَانَ أَبُو بكر الصّديق يخرج للتِّجَارَة يقدمهَا على صُحْبَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ عمر: لِأَن أَمُوت بَين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute