شُعْبَتَيْ رجْلي أطلب كفاف وَجْهي أحب إِلَى من أَن أَمُوت غازيا فِي سَبِيل الله. وَقد قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني، مَا افْتقر أحد إِلَّا أصَاب ثَلَاث خلال مَكْرُوهَة: آفَة فِي دينه، وضعفا فِي عقله، وَذَهَاب مروءته. وَأعظم من هَذِه الْخلال استخفاف النَّاس بِهِ. يَا بني، قد ذقت المرارة كلهَا فَلم أر شَيْئا أَمر من الْفقر. وَقَالَ قيس بن عَاصِم عِنْد الْمَوْت: يَا بني، عَلَيْكُم باصطناع المَال، فَإِنَّهُ منبهة للكريم، ويستغنى بِهِ عَن اللَّئِيم. وَكَانَ أحيحة بن الجلاح سيدا فِي قومه، وَكَانَ يصلح مَاله، وَيُقِيم بذلك مَا ينوبه من الْحق، وَيَقُول:
(استغن أَو مت وَلَا يغررك ذُو نشب ... من ابْن عَم وَلَا عَم وَلَا خَال)
(إِنِّي أكب على الزَّوْرَاء أعمرها ... إِن الحبيب إِلَى الإخوان ذُو المَال)
وَمَا جمعه ابْن عَوْف، وَخَلفه طَلْحَة وَالزُّبَيْر من المَال مَعْلُوم.
وَقَالَ سعيد بن الْمسيب: لَا خير فِيمَن لَا يجمع المَال ليؤدي عَن أَمَانَته، ويكف وَجهه، ويصل رَحمَه. وَكَانَ يتجر فِي الزَّيْت وَيَقُول لأَصْحَابه: هُوَ خير من الْحَاجة إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُلُوك. وَترك عِنْد مَوته أَرْبَعمِائَة دِينَار وَقَالَ: وَالله مَا تركتهَا إِلَّا لأصون بهَا عرضي ووجهي.
وَسَأَلَ رجل رجلا: من سيد الْبَصْرَة؟ فَقَالَ: الْحسن، قَالَ: وَبِمَ سادهم؟ قَالَ: اسْتغنى عَن دنياهم وافتقروا إِلَى علمه. وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: من كَانَ مَعَه شَيْء فَقدر أَن يَجعله فِي قرن ثَوْر فَلْيفْعَل، فَإِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute