هَذَا زمَان إِذا احْتَاجَ الرجل كَانَ أول مَا يبْذل دينه، وَلَوْلَا بضيعتنا تلاعب بِنَا هَؤُلَاءِ. وَقَالَ رجل للسري بن يحيى، وَكَانَ يتجر فِي الْبَحْر: تركب الْبَحْر فِي طلب الدُّنْيَا؟ قَالَ: أحب أَن أستغني عَن ضربك من النَّاس. وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء: تثمير المَال إِلَه المكارم.
وَقَالَ آخر: مقاساة الْفقر الْمَوْت الْأَحْمَر، وسؤال النَّاس الْعَار الْأَكْبَر، وَكَانَ يُقَال: من حفظ مَاله فقد حفظ الأكرمين: الدّين وَالْعرض.
١٤٤٩ - / ١٧٥٧ - وَفِي الحَدِيث الْخَامِس وَالْعِشْرين: ذكر الْعَزْل، وَقَول الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام: ((لَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، مَا من نسمَة كائنة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا وَهِي كائنة)) .
النَّسمَة: النَّفس.
وَهَذَا الحَدِيث تضمن كَرَاهِيَة الْعَزْل، وَهَذَا لِأَنَّهُ إِخْرَاج للنِّكَاح عَن وَضعه الْأَصْلِيّ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا وضع للتناسل، وَالْمرَاد تَكْثِير الْخلق، وَالَّذِي يعْزل يصرفهُ إِلَى أدون الْأَمريْنِ وَهُوَ قَضَاء الشَّهْوَة، عَن أَعلَى الْحَالين وَهُوَ التناسل. وَمثل الْآدَمِيّ كَمثل عبد سلم إِلَيْهِ سَيّده بذرا وأرضا وَأمره بالزرع، ووكل بِهِ مستحثا، فبذر فِي الْبذر وَلم يزرع، فالبذر المَاء، وَالْأَرْض الْمَرْأَة، وَالْمُسْتَحب الشَّهْوَة. وَمَعَ هَذَا فقد ترك الشَّرْع مُرَاده لمراد العَبْد، فأباحه الْعَزْل، وَقد ذكرنَا حكمه فِي مُسْند جَابر.
فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ ردهم إِلَى الْقدر فِي هَذَا دون غَيره؟ فَإِن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute