للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمقَاتل لَا يُصِيبهُ إِلَّا مَا قدر لَهُ، وَقد أَمر بِأخذ الْعدة. وَكَذَلِكَ الرزق لَا يتَعَدَّى صَاحبه، وَقد أَمر بِالطَّلَبِ، وأبيحت لَهُ الْأَسْفَار.

فَالْجَوَاب: أَنه إِنَّمَا ذكر لَهُم الْقدر لَا أَنه كرهه لَهُم.

١٤٥٠ - / ١٧٥٨ - وَفِي الحَدِيث السَّادِس وَالْعِشْرين: ((لَا تخيروني من بَين الْأَنْبِيَاء؛ فَإِن النَّاس يصعقون يَوْم الْقِيَامَة؛ فَأَكُون أول من يفِيق، فَإِذا أَنا بمُوسَى أَخذ بقائمة من قَوَائِم الْعَرْش؛ فَلَا أَدْرِي: أَفَاق قبلي أَو جوزي بصعقة الطّور)) .

الصَّعق يكون بِمَعْنى الْمَوْت، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض} [الزمر: ٦٨] . وَيكون بِمَعْنى الغشي، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وخر مُوسَى صعقا} [الْأَعْرَاف: ١٤٣] . والصعق فِي هَذَا الحَدِيث بِالْمَوْتِ أشبه. وَإِنَّمَا أَرَادَ تَفْضِيل مُوسَى وَذكر شرفه.

وَفِي هَذَا الحَدِيث إشْكَالَانِ: الأول: أَنه قَالَ: ((لَا تخيروني)) وَقد قَالَ: ((أَنا سيد ولد آدم)) وَالثَّانِي: أَنه قَالَ: ((أكون أول من يفِيق)) ثمَّ قَالَ: ((لَا أَدْرِي أَفَاق قبلي)) .

فَالْجَوَاب عَن الأول من ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا أَن يكون قَالَه قبل علمه بِأَنَّهُ أفضل الْأَنْبِيَاء، فَلَمَّا أعلم قَالَ: ((أَنا سيد ولد آدم)) .

وَالثَّانِي: أَن يكون نَهَاهُم عَن التَّخْيِير، لأَنهم كَانُوا يخيرون بواقعاتهم وظنونهم، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يسند التَّخْيِير إِلَى دَلِيل. وَالثَّالِث: أَن الْغَالِب فِي الْمُخَير الإزراء بالأنقص رُتْبَة، وَلَا يجوز الإستنقاص بِأحد

<<  <  ج: ص:  >  >>