للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٢٣ - / ٣٣٧٤ - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: فقدت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْفراش فالتمسته، فَوَقَعت يَدي على بطن قَدَمَيْهِ وَهُوَ يَقُول: " أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عُقُوبَتك، وَأَعُوذ بك مِنْك ".

قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ: فِي هَذَا الْكَلَام معنى لطيف، وَهُوَ أَن الرِّضَا ضدان متقابلان، وَكَذَلِكَ المعافاة والمؤاخذة بالعقوبة، فَسَأَلَهُ أَن يجيره بِرِضَاهُ من سخطه، وبمعافاته من عُقُوبَته، فَلَمَّا صَار إِلَى ذكر مَا لَا ضد لَهُ استعاذ بِهِ مِنْهُ لَا غير.

قلت: وَهَذَا كَلَام وعظي يعجب الْعَوام، وَلَا صِحَة لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يستعاذ من الذَّات الْقَدِيمَة، وَهَذَا لَا يجوز أَن يعْتَقد أَن الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام قَصده، وَلكنه لما أَرَادَ أَن يستعيذ من الْأَشْيَاء بأضدادها، مثل أَن يَقُول: وبحلمك من تَعْجِيل عذابك، وبكذا من كَذَا، فَلَمَّا كَانَ التعداد يطول قَالَ: " أعوذ بك مِنْك " أَي بِمَا يصدر مِنْك من عَفْو ولطف مِمَّا يصدر مِنْك من عُقُوبَة ونقمة. وَقَالَ ابْن عقيل: معنى الْكَلَام: أعوذ بك من الصَّادِر مِنْك من الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ الْعَذَاب وَالْبَطْشَة.

وَقَوله: " سبوح قدوس " قَالَ الْخطابِيّ: لم يَأْتِ من الْأَسْمَاء على " فعول " بِضَم الْفَاء إِلَّا قدوس وسبوح، وَقد يفتحان وَهُوَ الْقيَاس فِي الْأَسْمَاء كسفود وكلوب.

والقدوس: الطَّاهِر من الْعُيُوب. قَالَ أَبُو الْحسن الْهنائِي اللّغَوِيّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>