يَأْخُذُونَ مِنْهَا نَصِيبا وَهَذَا نَظِير قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى: الْخلق كلهم عِيالُ أبي حنيفَة فِي الْفِقْه.
وَبَيَانه: مَا حُكيَ أَن الشَّافِعِي سمع رجلا يَقع فِي أبي حنيفَة، فَدَعَاهُ وَقَالَ: يَا هَذَا أتقع فِي رجل سَلَّم لَهُ جَمِيع النَّاس ثَلَاثَة أَربَاع الْفِقْه، وَهُوَ لَا يُسَلَّم لَهُم الرّبع قَالَ: وَكَيف ذَلِك قَالَ: الْفِقْه [٨ - ب] سُؤال وَجَوَاب، وَهُوَ الَّذِي تفرد بِوَضْع الأسئلة فسُلِّمَ لَهُ نصف الْعلم، ثمَّ أجَاب عَن الْكل، وخصومه لَا يَقُولُونَ إِنَّه أَخطَأ فِي الْكل، فَإِذا جعل مَا وافقوا فِيهِ مُقَابلا لما خالفوا فِيهِ سُلِّم لَهُ ثَلَاثَة أَربَاع الْعلم، وَبَقِي الرّبع مُشْتَركا بَين النَّاس. وَبِهَذَا نتبين الْفرق بَين المعلِّمين والعِيَالِين، وَلِهَذَا قيّد بقوله: بعد الْخَطِيب، ثمَّ أَشَارَ بقوله: على كتبه، لَا كَلَامه، أَن الفَضل للْمُتَقَدِّمين وَأَنه مَا زَاد عَلَيْهِ أحد من الْمُتَأَخِّرين.
(ثمَّ جَاءَ) أَي بعدهمْ، (بعضُ مَنْ تأخَّر عَن الْخَطِيب) أَي من الْمُحدثين، (فَأخذ من هَذَا الْعلم) أَي علم أصُول الحَدِيث، أَو من هَذَا الْعلم الْمَذْكُور فِي كتب الْخَطِيب، (بِنَصِيب) أَي حَظّ عَظِيم بفهم قويم، وَالْبَاء زَائِدَة، (فَجمع القَاضِي عِيَاض) أَي من بعض من تَأَخّر وَأخذ الْحَظ الأوفر، (كتابا لطيفاً) أَي موجزاً ظريفاً (سَمَّاهُ الإلماع) بكسرة الْهمزَة من لمع الْبَرْق وأضاء كاللمع، وَكَأن فِيهِ إشارات كاللمَعَات إِلَى المرادات.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute