وَقَالَ فريق من الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء: مَن عُرِف بارتكاب / التَّدْلِيس وَلَو مرّة صَار مجروحاً مردوداً فِي الرِّوَايَة، وإنْ بَين السماع وأتى بِصِيغَة صَرِيحَة فِي هَذَا الحَدِيث، أَو فِي غَيره من أَحَادِيثه.
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الجَزرِي: التَّدْلِيس قِسْمَانِ:
تَدْلِيس الْإِسْنَاد، وتدليس الشُّيُوخ
أمّا تَدْلِيس الْإِسْنَاد فَهُوَ أَن يروي عَمَّن لقِيه أَو عاصره مَا لم يسمع مِنْهُ، مُوهِماً أَنه سَمعه مِنْهُ، وَلَا يَقُول: أخبرنَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ، بل يَقُول: قَالَ فلَان، أَو عَن فلَان وإنّ فلَانا قَالَ، وَمَا أشبه ذَلِك. ثمَّ قد يكون بَينهمَا واحدٌ أَو قد يكون أَكثر، وَرُبمَا لم يُسقط المدلس شَيْخه، لَكِن يُسقط من بعده رجلا ضَعِيفا أَو صَغِير السن، يُحَسِّنُ الحَدِيث بذلك. وَكَانَ الْأَعْمَش، وَالثَّوْري، وَابْن عُيينة، وَابْن إِسْحَاق وَغَيرهم يَفْعَلُونَ هَذَا النَّوْع.
وَمن ذَلِك مَا حكى ابْن خشرم: كُنَّا يَوْمًا عِنْد سُفْيَان بن عُيينة فَقَالَ: عَن الزُّهري فَقيل لَهُ: حَدثَك الزُّهْرِيّ؟ فَسكت، ثمَّ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيّ. فَقيل لَهُ أسمعته من الزُّهْرِيّ؟ فَقَالَ: لم أسمعهُ من الزُّهْرِيّ، وَلَا مِمَّن سَمعه من الزُّهْرِيّ حَدثنِي عبد الرَّزَّاق عَن معْمَر، عَن [٩٤ - ب] الزُّهْرِيّ. وَهَذَا الْقسم من التَّدْلِيس مَكْرُوه [جدا] ، وفاعله مَذْمُوم عِنْد أَكثر الْعلمَاء. ومَن عُرِف بِهِ فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute