الصّلاح فِي " الْمُقدمَة "، والجزري فِي " الْهِدَايَة "، فَانْدفع مَا قَالَ بَعضهم فِيهِ: إِنَّه على تَقْدِير التَّصْرِيح بِالسَّمَاعِ، لَا يتَعَيَّن الْمَزِيد، لجَوَاز أَن يكون الرَّاوِي سمع من رجل، وَهُوَ من شخص، ثمَّ سمع ذَلِك الرَّاوِي من ذَلِك الشَّخْص نَفسه. وَأما قَول شَارِح: هُوَ أَن يَجِيء رِوَايَة بِوَاسِطَة رَاوِيَيْنِ اثْنَيْنِ، وَأُخْرَى بحذفه مَعَ التَّصْرِيح فِي كل مِنْهُمَا بِالسَّمَاعِ، فَغير صَحِيح لما سبق.
(وإلاّ) أَي وَإِن لم يَقع التَّصْرِيح بِالسَّمَاعِ / الْمَذْكُور، (فَمَتَى كَانَ مُعَنْعناً) بِصِيغَة الْمَفْعُول، وَهِي صِيغَة مصنوعة لَا مَوْضُوعَة كالبسملة والحمدلة، أَي فَمَتَى كَانَ الْإِسْنَاد بِلَفْظ عَن فلَان [عَن فلَان] (مثلا) أَي وَنَحْوه مِمَّا يحْتَمل عدم الِاتِّصَال، (ترجحت الزِّيَادَة) فَعلم أَن حَدِيث الثِّقَة كَانَ مُنْقَطِعًا لَا مُتَّصِلا، وَإِن كَانَ مُحْتملا قبل هَذِه الزِّيَادَة.
فَإِن قيل: إِن كَانَ السَّنَد الْخَالِي عَن الزَّائِد بِلَفْظ: عَن، احْتمل أَن يكون مُرْسلا، وَإِن كَانَ بِلَفْظ السماع وَنَحْوه، احْتمل أَن يكون سَمِعَه مرّة عَن رجل عَنهُ، ثمَّ سَمعه مِنْهُ، فَلَا يتَحَقَّق الْوَهم! فَالْجَوَاب: أنّ الظَّاهِر من مثل هَذَا أَن يَذْكُر السَماعَين، فلمّا لم يذكرهما، حُمِل على الزِّيَادَة. وَأَيْضًا قد يُوجد قرينَة تدل على أَنه وَهْم كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن أبي حَاتِم وَهُوَ الْمَفْهُوم من " الْمُقدمَة "، فَالزِّيَادَة حِينَئِذٍ مرادف الْغَلَط، والسهو خَارج عَمَّا يُقَال من أنّ زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة، وَأما قَول شَارِح: ترجحت الزِّيَادَة وَيعْمل بِالْإِسْنَادِ الْمُثبت، وَيجْعَل الآخر مُنْقَطِعًا أَو مُرْسلا، أَو نَحْو ذَلِك لِأَن زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة كَمَا سبق، فمردود.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute