الِاضْطِرَاب لَا يحْتَمل التَّأْوِيل، وَقَول الْبَيْهَقِيّ: لَا يَحْفَظُ لهَذَا اللَّفْظ الثَّانِي إِسْنَادًا، مَرْدُود بِمَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه هَكَذَا ذكره الْجَزرِي. لَكِن قَوْله لَا يَحتمل التَّأْوِيل، فِيهِ بحث، إِذْ يُمكن حمل النَّفْي على الْحق الْوَاجِب الشَّرْعِيّ، وَالْإِثْبَات على الْوُجُوب الْعرفِيّ من الضِّيَافَة، وإعارة الماعون، وَالْمَال فِي النَّفْي يُرَاد بِهِ الْمَعْهُود الَّذِي يجب فِيهِ الزَّكَاة، وَفِي الْإِثْبَات جنس المَال الَّذِي يجب فِيهِ نَفَقَة ذَوي الْأَرْحَام وَنَحْوهَا [١١٥ - أ] ، مَعَ أَن الْقَاعِدَة المقرَّرَة أَن الْإِثْبَات مُقَدِّمٌ على النَّفْي عِنْد الْمُعَارضَة.
ويَقْرب مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَآتى المَال على حبه ذَوي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل والسائلين وَفِي الرّقاب وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة} قَالَ الْبَيْضَاوِيّ: يحْتَمل أَن يكون الْمَقْصُود مِنْهُ، وَمن قَوْله: {وَآتى المَال} الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وَلَكِن الْفَرْض من الأول بَيَان مصارفها، وَمن الثَّانِي أَدَاؤُهَا، والحث عَلَيْهَا، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِالْأولِ، نوافلَ الصَّدقَات، أَو حقوقاً كَانَت فِي المَال سوى الزَّكَاة. انْتهى. وَيُؤَيّد الْأَخير مَا روى ابْن أبي حَاتِم أَنه قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " فِي المَال حق سوى الزَّكَاة، ثمَّ قَرَأَ {لَيْسَ الْبر} " إِلَى قَوْله: {وَفِي الرّقاب} .
وَقد قَالَ ابْن الصّلاح: وَقد يَقع الِاضْطِرَاب فِي الْمَتْن، وَهُوَ مَا اخْتلف الرِّوَايَات فِيهِ، فيرويه بَعضهم على وَجه، وَبَعْضهمْ على وَجه آخر مُخَالف لَهُ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute