هُنَا، وَأما مَا قَالَ شَارِح من أَن الْإِبْدَال بلغَة أُخْرَى قد يكون بِدُونِ الضَّرُورَة، كالتفاسير الفارسية، تؤلف لمن يُحسن الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا، فَغير مَقْبُول، إِذْ أصل وضع كتب الشَّرِيعَة بِلِسَان العجمية، [إِنَّمَا / هُوَ] لتفهيم من لَا يحسن الْعَرَبيَّة، وَإِلَّا فَلَا وَجه للعدول عَنْهَا وَقد ورد النَّهْي [١١٩ - ب] عَن التَّكَلُّم بِغَيْر الْعَرَبيَّة لمن يُحسِنها، إِلَّا على سَبِيل الضَّرُورَة.
وَأما قَوْله: وَقد رُوي عَن غير وَاحِد من الصَّحَابَة التَّصْرِيح بذلك، أَي بِأَن الْإِبْدَال بلغَة أُخْرَى بِدُونِ الضَّرُورَة جَائِز، فَمَمْنُوع ومحتاج إِلَى بَيَان ذَلِك. وَأما قَوْله: وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا رِوَايَة الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ الْقِصَّة الْوَاحِدَة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة، فمدفوع بِأَنَّهُ إِمَّا مَحْمُول على تعدد الْوَاقِعَة، أَو على نقل الْمَعْنى بِالضَّرُورَةِ.
وَقد ورد فِي الْمَسْأَلَة التَّصْرِيح بِأَن التَّغْيِير لَا يجوز إِلَّا للضَّرُورَة، وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْن مَنْدَه فِي " معرفَة الصَّحَابَة "، من حَدِيث عبد الله بن سُلَيْمَان اللَّيْثِيّ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله إِنِّي أسمع مِنْك الحَدِيث لَا أَسْتَطِيع أَن أؤديه كَمَا أسمعُ مِنْك، أُزِيدُ حرفا أَو أُنِقص حرفا، فَقَالَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِذا لم تُحِلوا حَرَامًا، وَلم تحرموا حَلَالا، وأصبتم الْمَعْنى، فَلَا بَأْس ". فَذكر ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ: لَوْلَا هَذَا مَا حَدثنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute