وَأما بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَعْرِيف الْخَطِيب، فَلِأَن فِي تَعْرِيفه مَا فِي تَعْرِيف الْحَاكِم من جِهَة الْمُخَالفَة مَعَ أَمر أخر، وَهُوَ صدقه على الْمَوْقُوف، فَهُوَ لَيْسَ بِجَامِع، وَهَذَا أَي تَعْرِيف الْحَاكِم مَانع وَلكنه لَيْسَ بِجَامِع، وَإِن أُرِيد مَا يكون ظَاهره السماع على قِيَاس قَوْله: ظَاهر الِاتِّصَال، فالتعريفان متساويان ومتوافقان، لكنه إِنَّمَا يظْهر دلَالَة قَوْله: " يظْهر سَمَاعه " على الأول.
(وَأما الْخَطِيب) وَهُوَ الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَغْدَادِيّ (فَقَالَ: " الْمسند الْمُتَّصِل ". فعلى هَذَا [أَي على تَعْرِيفه] ، (الْمَوْقُوف إِذا جَاءَ بِسَنَد مُتَّصِل يُسمى عِنْده مُسْندًا) فَيشْمَل الْمَرْفُوع، وَالْمَوْقُوف، بل الْمَقْطُوع أَيْضا.
(لكنه قَالَ: " إِن ذَلِك) أَي الْمَوْقُوف الْمُتَّصِل السَّنَد، (قد يَأْتِي بقلة ") وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِيمَا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، نُوقِشَ فِي الْعبارَة بِأَن قَوْله: بقلة مُسْتَدْرك، لكَون " قد " مُفِيدا للقلة، وَدفع بِأَنَّهُ ذكر تَأْكِيدًا؛ وَاسْتشْكل بِمَا فِي بعض النّسخ: قد يَأْتِي لَكِن بقلة، فَإِن لَكِن إِنَّمَا تكون لدفع التَّوَهُّم النَّاشِئ مِمَّا قبله، وَأجِيب: بِأَن " قد " هُنَا للتحقيق الصّرْف، فَإِن " قد " فِي الْحَال إِنَّمَا تكون للتحقيق فَقَط لَا للتقليل كَمَا صرح بِهِ " اللب " فِي قَوْله تَعَالَى: {قد يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} انْتهى.
وَالتَّحْقِيق أَن قد فِي الْآيَة لتقليل مُتَعَلّقه، وَالْمعْنَى أَن: {مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} هُوَ أقل معلوماته [١٥٩ - أ] وَقيل: المُرَاد بالقلة الْمَذْكُورَة بعد لَكِن إِنَّمَا هِيَ نِهَايَة الْقلَّة، بِقَرِينَة التَّنْوِين. هَذَا، وَقَالَ التلميذ: قَوْله: وَأما الْخَطِيب ... الخ فِيهِ نظر من وَجْهَيْن: الأول: أَن الْخَطِيب لم يذكر للمسند تعريفا من قبل نَفسه ليلزمه مَا ذكر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute