ثمَّ اعْلَم أَن أصل الْإِسْنَاد خصيصة فاضلة من خَصَائِص هَذِه الْأمة، وَسنة بَالِغَة من السّنَن الْمُؤَكّدَة، بل من فروض الْكِفَايَة.
قَالَ ابْن الْمُبَارك: الْإِسْنَاد من الدّين [١٦٠ - ب] لَوْلَا الْإِسْنَاد لقَالَ من شَاءَ مَا شَاءَ. قَالَ الثَّوْريّ: الْإِسْنَاد سلَاح الْمُؤمن، فَإِذا لم يكن مَعَه سلَاح لم يقدر أَن يُقَاتل. وَقَالَ بَقِيَّة: ذاكرت حَمَّاد بن زيد بِأَحَادِيث فَقَالَ: مَا أَجودهَا لَو كَانَ لَهَا أَجْنِحَة، يَعْنِي الْأَسَانِيد. وَقَالَ مطر: فِي قَوْله تَعَالَى {أَو أثارة من علم} أَي إِسْنَاد الحَدِيث.
ثمَّ طلب الْعُلُوّ أَمر مَطْلُوب، وشأن مَرْغُوب. قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: طلب الْإِسْنَاد العالي سنة عَمَّن سلف. / ١١١ - ب / وَعَن ابْن معِين لما قيل لَهُ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ:[مَا] تشْتَهي؟ قَالَ: بَيت خَال، وَإسْنَاد عَال. وَقَالَ أَحْمد بن أسلم: قرب الْإِسْنَاد قرب، أَو قربَة إِلَى الله عز وَجل. قَالَ ابْن الصّلاح: لِأَن قرب الْإِسْنَاد إِلَى رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قرب إِلَيْهِ، والقرب إِلَيْهِ قرب إِلَى الله عز وَحل.
وَقَالَ الْحَاكِم: طلب الْإِسْنَاد العالي سنة صَحِيحَة، فَذكر حَدِيث أنس فِي مَجِيء الْأَعرَابِي وَقَوله: يَا مُحَمَّد أَتَانَا رَسُولك فَزعم كَذَا ... الحَدِيث، قَالَ: وَلَو كَانَ طلب الْعُلُوّ فِي الْإِسْنَاد غير مُسْتَحبّ لأنكر عَلَيْهِ سُؤَاله عَمَّا أخبرهُ رَسُوله عَنهُ ولأمر بالاقتصار على مَا أخبرهُ الرَّسُول عَنهُ. قَالَ الْجَزرِي: وَقد رَحل جَابر بن