صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: " اكْتُبْ ". وَقد اخْتلف فِي الْجَواب، فَقيل: إِن حَدِيث أبي سعيد مَنْسُوخ بِأَحَادِيث الْإِذْن وَالْكِتَابَة، وَكَانَ النَّهْي فِي أول الْأَمر لخوف اخْتِلَاطه بِالْقُرْآنِ، فَلَمَّا أَمِنَ ذَلِك أّذنَ فِيهِ، وَجمع بَعضهم بَينهمَا بِأَن النَّهْي فِي حق مَن وُثِقَ بحفظه وَخيف اتكاله على خطه إِذا كَتَبَ، وَالْإِذْن فِي حق من لَا يوثق بحفظه كَأبي شاهٍ الْمَذْكُور، وَحمل بَعضهم النَّهْي على كِتَابَة الحَدِيث مَعَ الْقُرْآن فِي [٢١٩ - ب] صحيفَة وَاحِدَة لأَنهم كَانُوا يسمعُونَ تَأْوِيل الْآيَة فَرُبمَا كتبوه مَعَه، فَنُهُوا عَن ذَلِك لخوف الِاشْتِبَاه.
(وَهُوَ) أَي صفة كِتَابَة الحَدِيث ونعته، (أَن يَكْتُبهُ) أَي الحَدِيث، وَكَذَا الْقُرْآن وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا (مُبَيَّناً) بِفَتْح التَّحْتِيَّة حَال من الْمَفْعُول، وَيُمكن كسرهَا على أَنه حَال من الْفَاعِل وَكَذَا قَوْله:
(مُفسَّراً) وَهُوَ عطف / بَيَان، أَو التَّبْيِين بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَوْهَر الْحُرُوف، وَالتَّفْسِير بِاعْتِبَار عوارضها / ١٥١ - ب / من الشكل والنقط. قَالُوا: يسْتَحبّ إبانة الْخط وتحقيقه دون مَشْقِهٍ، وتعليقه، والمَشْق: خفَّة الْيَد وإرسالها مَعَ تَغْيِير الْحُرُوف، وَعدم إِقَامَة الْأَسْنَان. وَالتَّعْلِيق: هُوَ كَمَا قيل: خطّ الْحُرُوف الَّذِي يَنْبَغِي تفرقها، وإذهاب أَسْنَان مَا يَنْبَغِي إِقَامَة أَسْنَانه، وطمس مَا يَنْبَغِي إِظْهَار بياضه، لما قد ينشأ عَن كل مِنْهُمَا عدم التَّمَكُّن من قِرَاءَته غَالِبا.
(ويَشكُل) بِفَتْح حرف المضارعة، وَضم الْكَاف، أَي وَيعرف (المُشْكِل) أَي المغلَق (مِنْهُ) وَهُوَ الَّذِي لَا يفهمهُ كل أحد، وَإِنَّمَا يُدْرِكهُ الْعلمَاء، وَفِيه إِشَارَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute