للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدث وَالْحَدَث بَاقٍ وَأما الِاسْتِمْتَاع فَلقَوْله تَعَالَى التَّشْدِيد فَهِيَ صَرِيحَة فِيمَا ذكر وَأما التَّخْفِيف فَإِن كَانَ المُرَاد بِهِ أَيْضا الِاغْتِسَال كَمَا قَالَ بِهِ ابْن عَبَّاس وَجَمَاعَة بِقَرِينَة قَوْله تَعَالَى {فَإِذا تطهرن} فَوَاضِح وَإِن كَانَ المُرَاد بِهِ انْقِطَاع الْحيض فقد ذكر بعده شرطا آخر وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَإِذا تطهرن} فَلَا بُد مِنْهُمَا مَعًا

فَائِدَة حكى الْغَزالِيّ أَن الْوَطْء قبل الْغسْل يُورث الجذام فِي الْوَلَد وَيجب على الْمَرْأَة تعلم مَا تحْتَاج إِلَيْهِ من أَحْكَام الْحيض والاستحاضة وَالنّفاس فَإِن كَانَ زَوجهَا عَالما لزمَه تعليمها وَإِلَّا فلهَا الْخُرُوج لسؤال الْعلمَاء بل يجب وَيحرم عَلَيْهِ منعهَا إِلَّا أَن يسْأَل هُوَ ويخبرها فتستغني بذلك وَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوج إِلَى مجْلِس ذكر أَو تَعْلِيم خير إِلَّا بِرِضَاهُ وَإِذا انْقَطع دم النّفاس أَو الْحيض وتطهرت فَللزَّوْج أَن يَطَأهَا فِي الْحَال من غير كَرَاهَة

القَوْل فِي مَا يحرم على الْجنب (وَيحرم على الْجنب خَمْسَة أَشْيَاء) وَهِي (الصَّلَاة وَالطّواف وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَمَسّ الْمُصحف وَحمله) على الحكم الْمُتَقَدّم بَيَانه فِي هَذِه الْأَرْبَعَة سَابِقًا (و) الْخَامِس (اللّّبْث) أَي الْمكْث لمُسلم غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فِي الْمَسْجِد) أَو التَّرَدُّد فِيهِ لغير عذر لِلْآيَةِ السَّابِقَة والْحَدِيث الْمَار وَخرج بالمكث والتردد العبور وبالمسلم الْكَافِر فَإِنَّهُ يُمكن من الْمكْث فِي الْمَسْجِد على الْأَصَح فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا لِأَنَّهُ لَا يعْتَقد حُرْمَة ذَلِك وَلَيْسَ للْكَافِرِ وَلَو غير جنب دُخُول الْمَسْجِد إِلَّا أَن يكون لحَاجَة كإسلام وَسَمَاع قُرْآن لَا كَأَكْل وَشرب وَأَن يَأْذَن لَهُ مُسلم فِي الدُّخُول إِلَّا أَن يكون لَهُ خُصُومَة وَقد قعد الْحَاكِم للْحكم فِيهِ ولهواء الْمَسْجِد حُرْمَة الْمَسْجِد نعم لَو قطع بصاقه هَوَاء الْمَسْجِد وَوَقع خَارجه لم يحرم كَمَا لَو بَصق فِي ثَوْبه أَو فِي الْمَسْجِد وَبِغير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ فَلَا يحرم عَلَيْهِ

قَالَ صَاحب التَّلْخِيص ذكر من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دُخُوله الْمَسْجِد جنبا وَمَال إِلَيْهِ النَّوَوِيّ وبالمسجد الْمدَارِس وَنَحْوهَا وَبلا عذر إِذا حصل لَهُ عَارض كَأَن احْتَلَمَ فِي الْمَسْجِد وَتعذر عَلَيْهِ الْخُرُوج لإغلاق بَاب أَو الْخَوْف على نَفسه أَو عضوه أَو مَنْفَعَة ذَلِك أَو على مَاله فَلَا يحرم عَلَيْهِ الْمكْث وَلَكِن يجب عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَة أَن يتَيَمَّم إِن وجد تُرَابا غير تُرَاب الْمَسْجِد فَإِن لم يجد غَيره لم يجز لَهُ أَن يتَيَمَّم بِهِ فَلَو خَالف وَتيَمّم بِهِ صَحَّ تيَمّمه كالتيمم بِتُرَاب مَغْصُوب وَالْمرَاد بِتُرَاب الْمَسْجِد الدَّاخِل فِي وقفيته لَا الْمَجْمُوع من الرّيح وَنَحْوه وَلَو لم يجد الْجنب المَاء إِلَّا فِي الْمَسْجِد فَإِن وجد تُرَابا تيَمّم وَدخل واغترف وَخرج إِن لم يشق عَلَيْهِ ذَلِك وَإِلَّا اغْتسل فِيهِ وَلَا يَكْفِيهِ التَّيَمُّم على الْمُعْتَمد كَمَا بَحثه النَّوَوِيّ فِي مَجْمُوعه بعد نَقله عَن الْبَغَوِيّ أَنه يتَيَمَّم وَلَا يغْتَسل فِيهِ وَإِطْلَاق الْأَنْوَار جَوَاز الدُّخُول للاستقاء والمكث لَهَا بِقَدرِهَا فَقَط مَحْمُول على هَذَا التَّفْصِيل

فَائِدَة لَا بَأْس بِالنَّوْمِ فِي الْمَسْجِد لغير الْجنب وَلَو لغير أعزب فقد ثَبت أَن أَصْحَاب الصّفة وَغَيرهم كَانُوا ينامون فِيهِ فِي زَمَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم إِن ضيق على الْمُصَلِّين أَو شوش عَلَيْهِم حرم النّوم فِيهِ قَالَه فِي الْمَجْمُوع

قَالَ وَلَا يحرم إِخْرَاج الرّيح فِيهِ لَكِن الأولى اجتنابه لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمَلَائِكَة تتأذى مِمَّا يتَأَذَّى مِنْهُ بَنو آدم

<<  <  ج: ص:  >  >>