للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِيَ الْحِكْمَة فِي كشف الْبدن لينال أول مطر السّنة وبركته (ويسبح للرعد) أَي عِنْد الرَّعْد (والبرق) فَيَقُول سُبْحَانَ من يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته كَمَا رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن عبد الله بن الزبير وَقيس بالرعد الْبَرْق وَالْمُنَاسِب أَن يَقُول عِنْده سُبْحَانَ من يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا

وَنقل الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن الثِّقَة عَن مُجَاهِد أَن الرَّعْد ملك والبرق أجنحته يَسُوق بهَا السَّحَاب وعَلى هَذَا فالمسموع صَوته أَو صَوت سوقه على اخْتِلَاف فِيهِ وَإِطْلَاق ذَلِك على الرَّعْد مجَاز

وَرُوِيَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بعث الله السَّحَاب فنطقت أحسن النُّطْق وضحكت أحسن الضحك فالرعد نطقها والبرق ضحكها وَينْدب أَلا يتبع بَصَره الْبَرْق لِأَن السّلف الصَّالح كَانُوا يكْرهُونَ الْإِشَارَة إِلَى الرَّعْد والبرق وَيَقُولُونَ عِنْد ذَلِك لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ سبوح قدوس قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فيختار الِاقْتِدَاء بهم فِي ذَلِك وَأَن يَقُول عِنْد نزُول الْمَطَر كَمَا فِي البُخَارِيّ اللَّهُمَّ صيبا بصاد مُهْملَة وَتَشْديد الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة أَي مَطَرا شَدِيدا نَافِعًا وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ لما روى الْبَيْهَقِيّ إِن الدُّعَاء يُسْتَجَاب فِي أَرْبَعَة مَوَاطِن عِنْد التقاء الصُّفُوف ونزول الْغَيْث وَإِقَامَة الصَّلَاة ورؤية الْكَعْبَة

وَأَن يَقُول فِي أثر الْمَطَر مُطِرْنَا بِفضل الله علينا وَرَحمته لنا وَكره مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا بِفَتْح نونه وهمز آخِره أَي بِوَقْت النَّجْم الْفُلَانِيّ على عَادَة الْعَرَب فِي إِضَافَة الأطار إِلَى الأنواء لإيهامه أَن النوء فَاعل الْمَطَر حَقِيقَة فَإِن اعْتقد أَنه الْفَاعِل لَهُ حَقِيقَة كفر

تَتِمَّة يكره سبّ الرّيح وَيجمع على ريَاح وأرواح بل يسن الدُّعَاء عِنْدهَا لخَبر الرّيح من روح الله أَي رَحمته تَأتي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَإِذا رأيتموها فَلَا تسبوها واسألوا الله خَيرهَا واستعيذوا بِاللَّه من شَرها وروى الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُحَمَّد بن حَاتِم قَالَ قلت ل أبي بكر الْوراق عَلمنِي شَيْئا يقربنِي إِلَى الله تَعَالَى ويبعدني عَن النَّاس

فَقَالَ أما الَّذِي يقربك إِلَى الله تَعَالَى فمسألته وَأما الَّذِي يبعدك عَن النَّاس فَترك مسألتهم ثمَّ رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من لم يسْأَل الله يغْضب عَلَيْهِ ثمَّ أنْشد لَا تسألن بني آدم حَاجَة وسل الَّذِي أبوابه لَا تحجب الله يغْضب إِن تركت سُؤَاله وَبني آدم حِين يسْأَل يغْضب

فصل فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْخَوْف

وَهُوَ ضد الْأَمْن وَحكم صلَاته حكم صَلَاة الْأَمْن وَإِنَّمَا أفرد بفصل لِأَنَّهُ يحْتَمل فِي الصَّلَاة عِنْده فِي الْجَمَاعَة وَغَيرهَا مَا لَا يحْتَمل فِيهَا عِنْد غَيره على مَا سَيَأْتِي بَيَانه

وَالْأَصْل فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} الْآيَة وَالْأَخْبَار الْآتِيَة مَعَ خبر صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>