للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتِمَّة لَو نكح عبد مُعتقة فَأَتَت بِولد فولاؤه لموَالِي الْأُم لِأَنَّهُ الْمُنعم عَلَيْهِ فَإِنَّهُ عتق بِإِعْتَاق أمه فَإِذا عتق الْأَب انجر الْوَلَاء من موَالِي الْأُم إِلَى موَالِي الْأَب لِأَن الْوَلَاء فرع النّسَب وَالنّسب إِلَى الْآبَاء دون الإمهات وَإِنَّمَا ثَبت لموَالِي الْأُم لعدمه من جِهَة الْأَب فَإِذا أمكن عَاد إِلَى مَوْضِعه

وَمعنى الانجرار أَن يَنْقَطِع من وَقت عتق الْأَب عَن موَالِي الْأُم فَإِذا انجر إِلَى موَالِي الْأَب فَلم يبْق مِنْهُم أحد لم يرجع إِلَى موَالِي الْأُم بل يكون الْمِيرَاث لبيت المَال وَلَو مَاتَ الْأَب رَقِيقا وَعتق الْجد انجر الْوَلَاء من موَالِي الْأُم إِلَى موَالِي الْجد لِأَنَّهُ كَالْأَبِ فَإِن أعتق الْجد وَالْأَب رَقِيق انجر الْوَلَاء من موَالِي الْأُم إِلَى موَالِي الْجد أَيْضا

فَإِن أعتق الْأَب بعد الْجد انجر الْوَلَاء من موَالِي الْجد إِلَى موَالِي الْأَب لِأَن الْجد إِنَّمَا جَرّه لكَون الْأَب كَانَ رَقِيقا فَإِذا عتق كَانَ أولى بِالْجَرِّ لِأَنَّهُ أقوى من الْجد فِي النّسَب وَلَو ملك هَذَا الْوَلَد الَّذِي وَلَاؤُه لموَالِي أمه أَبَاهُ جر وَلَاء إخْوَته لِأَبِيهِ من موَالِي أمّهم إِلَيْهِ وَلَا يجر وَلَاء نَفسه لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون لَهُ على نَفسه وَلَاء وَلِهَذَا لَو اشْترى العَبْد نَفسه أَو كَاتبه سَيّده وَأخذ النُّجُوم كَانَ الْوَلَاء عَلَيْهِ لسَيِّده كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ

فصل فِي التَّدْبِير

وَهُوَ لُغَة النّظر فِي عواقب الْأُمُور وَشرعا تَعْلِيق عتق بِالْمَوْتِ الَّذِي هُوَ دبر الْحَيَاة فَهُوَ تَعْلِيق عتق بِصفة لَا وَصِيَّة وَلِهَذَا لَا يفْتَقر إِلَى إِعْتَاق بعد الْمَوْت وَلَفظه مَأْخُوذ من الدبر لِأَن الْمَوْت دبر الْحَيَاة وَكَانَ مَعْرُوفا فِي الْجَاهِلِيَّة فأقره الشَّرْع وَالْأَصْل فِيهِ قبل الْإِجْمَاع خبر الصَّحِيحَيْنِ أَن رجلا دبر غُلَاما لَيْسَ لَهُ مَال غَيره فَبَاعَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتقريره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ وَعدم إِنْكَاره يدل على جَوَازه

(وأركانه ثَلَاثَة) صِيغَة وَمَالك وَمحل وَهُوَ الرَّقِيق وَشرط فِيهِ كَونه رَقِيقا غير أم ولد لِأَنَّهَا تسْتَحقّ الْعتْق بِجِهَة أقوى من التَّدْبِير

وَيشْتَرط فِي الصِّيغَة لفظ يشْعر بِهِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مر فِي الضَّمَان وَهُوَ إِمَّا صَرِيح كَمَا يُؤْخَذ من قَوْله (وَمن قَالَ لعَبْدِهِ إِذا مت) أَنا (فَأَنت حر) أَعتَقتك أَو حررتك بعد موتِي أَو دبرتك أَو أَنْت مُدبر وَإِمَّا كِنَايَة وَهُوَ مَا يحْتَمل التَّدْبِير وَغَيره كخليت سَبِيلك أَو حسبتك بعد موتِي نَاوِيا الْعتْق

(فَهُوَ مُدبر) وَحكمه أَنه (يعْتق) عَلَيْهِ (بعد وَفَاته) أَي السَّيِّد محسوبا (من ثلث مَاله) بعد الدّين وَإِن وَقع التَّدْبِير فِي الصِّحَّة وَلَو استغرق الدّين التَّرِكَة لم يعْتق مِنْهُ شَيْء أَو نصفهَا وَهِي هُوَ فَقَط بيع نصفه فِي الدّين وَعتق ثلث الْبَاقِي مِنْهُ وَإِن لم يكن دين وَلَا مَال غَيره عتق ثلثه

فَائِدَة الْحِيلَة فِي عتق الْجَمِيع بعد الْمَوْت وَإِن لم يكن لَهُ مَال سواهُ أَن يَقُول هَذَا الرَّقِيق حر قبل مرض موتِي بِيَوْم وَإِن مت فَجْأَة فَقبل موتِي بِيَوْم فَإِذا مَاتَ بعد التعليقين بِأَكْثَرَ من يَوْم عتق من رَأس المَال وَلَا سَبِيل لأحد عَلَيْهِ وَيصِح التَّدْبِير مُقَيّدا بِشَرْط كَأَن مَاتَ فِي هَذَا الشَّهْر أَو الْمَرَض فَأَنت حر

فَإِن مَاتَ فِيهِ عتق وَإِلَّا فَلَا ومعلقا كَإِن دخلت الدَّار فَأَنت حر بعد موتِي فَإِن وجدت الصّفة وَمَات عتق وَإِلَّا فَلَا وَلَا يصير مُدبرا حَتَّى يدْخل وَشرط لحُصُول الْعتْق الدُّخُول قبل موت سَيّده فَإِن مَاتَ السَّيِّد قبل دُخُوله فَلَا تَدْبِير فَإِن قَالَ إِن مت ثمَّ دخلت الدَّار فَأَنت حر شَرط دُخُوله بعد مَوته وَلَو متراخيا عَن الْمَوْت وللوارث كَسبه قبل الدُّخُول

وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّف فِيهِ بِمَا يزِيل الْملك كَالْبيع لتَعلق حق الْعتْق بِهِ

كَقَوْلِه إِذا مت وَمضى شهر مثلا بعد موتِي فَأَنت حر فللوارث كَسبه فِي الشَّهْر وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّف فِيهِ بِمَا يزِيل الْملك وَهَذَا لَيْسَ بتدبير فِي الصُّورَتَيْنِ بل تَعْلِيق بِصفة لِأَن الْمُعَلق عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>