إِلَّا أَن التَّحَرُّم يُمكن إِيقَاعه فِيهِ فَلَا تصح الصَّلَاة فِيهِ إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة فيستثنى من كَلَامه لاستثنائه فِي خبر أبي دَاوُد وَغَيره وَالأَصَح جَوَاز الصَّلَاة فِي هَذَا الْوَقْت مُطلقًا سَوَاء أحضر إِلَى الْجُمُعَة أم لَا وَقيل يخْتَص بِمن حضر الْجُمُعَة وَصَححهُ جمَاعَة
(و) رَابِعهَا (بعد) صَلَاة (الْعَصْر) أَدَاء وَلَو مَجْمُوعَة فِي وَقت الظّهْر (حَتَّى تغرب الشَّمْس) بكمالها للنَّهْي عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ
(و) خَامِسهَا (عِنْد) مُقَارنَة (الْغُرُوب حَتَّى يتكامل غُرُوبهَا) للنَّهْي عَنهُ فِي خبر مُسلم
القَوْل فِي أَقسَام الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة بِاعْتِبَار الْوَقْت وَبِاعْتِبَار الْفِعْل تَنْبِيه قد علم مِمَّا تقرر انقسام النَّهْي فِي هَذِه الْأَوْقَات إِلَى مَا يتَعَلَّق بِالزَّمَانِ وَهُوَ ثَلَاثَة أَوْقَات عِنْد الطُّلُوع وَعند الاسْتوَاء وَعند الْغُرُوب
وَإِلَى مَا يتَعَلَّق بِالْفِعْلِ وَهُوَ وقتان بعد الصُّبْح أَدَاء وَبعد الْعَصْر كَذَلِك
وتقسيم هَذِه الْأَوْقَات إِلَى خَمْسَة هِيَ عبارَة الْجُمْهُور وتبعهم فِي الْمُحَرر عَلَيْهَا وَهِي أولى من اقْتِصَار الْمِنْهَاج على الاسْتوَاء وعَلى بعد صَلَاة الصُّبْح وَبعد صَلَاة الْعَصْر
قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَالْمرَاد بحصر الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَذْكُورَة إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوْقَات الْأَصْلِيَّة وَإِلَّا فَسَيَأْتِي كَرَاهَة التَّنَفُّل فِي وَقت إِقَامَة الصَّلَاة وَوقت صعُود الإِمَام لخطبة الْجُمُعَة انْتهى
وَإِنَّمَا ترد الأولى إِذا قُلْنَا الْكَرَاهَة للتنزيه وَزَاد بَعضهم كَرَاهَة وَقْتَيْنِ آخَرين وهما بعد طُلُوع الْفجْر إِلَى صلَاته وَبعد الْمغرب إِلَى صلَاته وَقَالَ إِنَّهَا كَرَاهَة تَحْرِيم على الصَّحِيح وَنَقله عَن النَّص انْتهى
وَالْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب خِلَافه
وَأَخْبرنِي بعض الْحَنَابِلَة أَن التَّحْرِيم مَذْهَبهم وَخرج بِغَيْر حرم مَكَّة حرمهَا فَلَا تكره فِيهِ صَلَاة فِي شَيْء من هَذِه الْأَوْقَات مُطلقًا لخَبر يَا بني عبد منَاف لَا تمنعوا أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت وَصلى فِي أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَقَالَ حسن صَحِيح وَلما فِيهِ من زِيَادَة فضل الصَّلَاة نعم هِيَ خلاف الأولى خُرُوجًا من الْخلاف
وَخرج بحرم مَكَّة حرم الْمَدِينَة فَإِنَّهُ كَغَيْرِهِ
فصل فِي صَلَاة الْجَمَاعَة
وَالْأَصْل فِيهَا قبل الْإِجْمَاع قَوْله تَعَالَى {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} أَمر بهَا فِي الْخَوْف فَفِي الْأَمْن أولى وَالْأَخْبَار كَخَبَر الصَّحِيحَيْنِ صَلَاة الْجَمَاعَة أفضل من صَلَاة الْفَذ بِسبع وَعشْرين دَرَجَة وَفِي رِوَايَة بِخمْس وَعشْرين دَرَجَة قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَلَا مُنَافَاة لِأَن الْقَلِيل لَا يَنْفِي الْكثير أَو أَنه أخبر أَولا بِالْقَلِيلِ ثمَّ أخبرهُ الله تَعَالَى بِزِيَادَة الْفضل فَأخْبر بهَا أَو أَن ذَلِك يخْتَلف باخْتلَاف أَحْوَال الْمُصَلِّين
وَمكث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُدَّة مقَامه بِمَكَّة ثَلَاث عشرَة سنة يُصَلِّي بِغَيْر جمَاعَة لِأَن الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى