وَعلله بِأَن الْعَادة إرسالها وَيدخل فِي ذَلِك النَّحْل
وَقد أفتى البُلْقِينِيّ فِي نحل لإِنْسَان قتل جملا لآخر بِعَدَمِ الضَّمَان
وَعلله بِأَن صَاحب النَّحْل لَا يُمكنهُ ضَبطه وَالتَّقْصِير من صَاحب الْجمل وَلَو أتلفت الْهِرَّة طيرا أَو طَعَاما أَو غَيره إِن عهد ذَلِك مِنْهَا ضمن مَالِكهَا أَو صَاحبهَا الَّذِي يَأْوِيهَا مَا أتلفته لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا وَكَذَا كل حَيَوَان مولع بِالتَّعَدِّي كَالْجمَلِ وَالْحمار اللَّذين عرفا بعقر الدَّوَابّ وإتلافها
أما إِذا لم يعْهَد مِنْهَا إِتْلَاف مَا ذكر فَلَا ضَمَان لِأَن الْعَادة حفظ مَا ذكر عَنْهَا لَا ربطها
فَائِدَة سُئِلَ الْقفال عَن حبس الطُّيُور فِي أقفاص لسَمَاع أصواتها أَو غير ذَلِك فَأجَاب بِالْجَوَازِ إِذا تعهدها صَاحبهَا بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ
كالبهيمة ترْبط وَلَو كَانَ بداره كلب عقور أَو دَابَّة جموح ودخلها شخص بِإِذْنِهِ وَلم يُعلمهُ بِالْحَال فعضه الْكَلْب أَو رمحته الدَّابَّة ضمن وَإِن كَانَ الدَّاخِل بَصيرًا أَو دَخلهَا بِلَا إِذن أَو أعلمهُ بِالْحَال
فَلَا ضَمَان لِأَنَّهُ المتسبب فِي هَلَاك نَفسه
فصل فِي قتال الْبُغَاة
جمع بَاغ وَالْبَغي الظُّلم ومجاوزة الْحَد سموا بذلك لظلمهم وعدولهم عَن الْحق وَالْأَصْل فِيهِ آيَة {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} وَلَيْسَ فِيهَا ذكر الْخُرُوج على الإِمَام صَرِيحًا لَكِنَّهَا تشمله بعمومها أَو تَقْتَضِيه لِأَنَّهُ إِذا طلب الْقِتَال لبغي طَائِفَة على طَائِفَة فللبغي على الإِمَام أولى وهم مُسلمُونَ مخالفو إِمَام وَلَو جائرا بِأَن خَرجُوا عَن طَاعَته بِعَدَمِ انقيادهم لَهُ أَو منع حق توجه عَلَيْهِم كَزَكَاة بِالشُّرُوطِ الْآتِيَة (وَيُقَاتل أهل الْبَغي) وجوبا كَمَا اسْتُفِيدَ من الْآيَة الْمُتَقَدّمَة
وَعَلَيْهَا عول عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قتال صفّين والنهروان
(بِثَلَاثَة شَرَائِط) الأول (أَن يَكُونُوا فِي مَنْعَة) بِفَتْح النُّون وَالْعين الْمُهْملَة أَي شَوْكَة بِكَثْرَة أَو قُوَّة وَلَو بحصن بِحَيْثُ يُمكن مَعهَا مقاومة الإِمَام فَيحْتَاج فِي ردهم إِلَى الطَّاعَة لكلفة من بذل مَال وَتَحْصِيل رجال وَهِي لَا تحصل إِلَّا بمطاع أَي متبوع يحصل بِهِ قُوَّة لشوكتهم يصدرون عَن رَأْيه
إِذْ لَا قُوَّة لمن لَا تجمع كلمتهم بمطاع فالمطاع شَرط لحُصُول الشَّوْكَة لَا أَنه شَرط آخر غير الشَّوْكَة كَمَا تَقْتَضِيه عبارَة الْمِنْهَاج وَلَا يشْتَرط أَن يكون فيهم إِمَام مَنْصُوب لِأَن عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَاتل أهل الْجمل وَلَا إِمَام لَهُم وَأهل صفّين قبل نصب إمَامهمْ